تصفية الثورة في اليمن عبر تمريغ كرامة الدولة

 

إنه توجه يتبنى بوضوح "الأجندة" المناهضة للتغيير الذي فرضته ثورة 11فبراير 2011 الشبابية الشعبية المباركة، ومعاقبتها بل التحرر من استحقاقتها. حسناً أيها الرئيس، ليكن ذلك، ولكن بدون التضحية بكرامة الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية، كما حدث في عمران، حيث يتم تصفية لواء عسكري وقيادته عبر خيانات هزت ضمير كل يمني.

 

ثم ما هي استحقاقات الثورة إنها لا تخص طرفاً بعينه إنها أصبحت طموحاً وطنياً مشتركاً، وتمثل جوهر مخرجات الحوار الوطني، التي ننظر إليها باعتبارها إكسيراً يمكن أن يضخ الحياة من جديد في جسد الدولة اليمنية الواهن المثخن بالجراح. 

 

هل كنا نحتاج إلى اعتماد منطق الخيانة، حيث الوحدات القتالية الأمنية والعسكرية، تتولى مهمة تصفية وإسقاط لواء عسكري، والتغطية على أعمال قذرة كهذه بالحوثيين، ومنحهم شرف لا يستحقوه؟ ثم ألا يدفع هذا النوع من السلوك أطرافاً أخرى إلى التسلح والقيام بأعمال خارج القانون كما تعمل الجماعة الحوثية اليوم؟.

 

لا يوجد عاقل يمكن أن يبرر القرارات العسكرية لهذا اليوم، والتي تضيف إمكانيات عسكرية جديدة وكبيرة إلى القوى المناهضة للثورة والتغيير وللنظام الانتقالي، وتجعل الطريق مفتوحاً إلى مسكن الرئيس بصنعاء، والتخلص منه بسهولة..

 

بالطبع الأطراف الإقليمية والدولية التي فرضت هذه التعيينات المستفزة، هي التي ستضمن بقاء الرئيس في منصبه بدون تهديدات، لكن صدقوني، ما حدث في عمران، قلّلَ إلى حد كبير من مصداقية الرئيس ونظامه الانتقالي، الذي كنا وما نزال نعتقد أنه يعمل في بيئة سياسية بالغة الصعوبة.

 

إن وضع اليمن تحت النمط القديم من الوصاية، مغامرة غير محسوبة، ناهيك عن أن إنجاز سيئ كهذا، تم عبر وسائل وإجراءات وتكتيكات مدمرة أكثرها سوءاً وقبحاً استخدام ورقة الجماعة الحوثية المسلحة التي يبدو أنها نصبت لتكون "سيسياً" عابراً في هذا المنعطف، مهمته التمهيد لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.

 

الجماعة الحوثية هي نفسها الورقة التي استخدمها صالح ذات يوم ووجد نفسه يتعامل مع ورقة محفوفة بالمخاطر، رغم سيطرته المطلقة على مفاصل الدولة، وهو مالا يتوفر للرئيس هادي.. فالحوثية مشروع إيراني ذو طبيعة جيوسياسية وخلفيات مذهبية وتاريخية، توفر لإيران فرصة أكبر للنجاح في استخدام وتوظيف الورقة الحوثية من غيرها من الأطراف.

 

عندما يتم استدعاء لواء موالي للرئيس السابق، من صعدة إلى عمران ليحل محل اللواء 310، وتعيين قائد عسكري يدخل ضمن دائرة الولاء ذاتها فضلاً عن تاريخه المثخن بالخطايا، إنما يؤشر إلى طبيعة المرحلة المقبلة، والتي أعتقد أن نتائج مؤتمر الحوار لن تكون من أولوياتها. وفي السياق ذاته يمكن على ضوء هذه القرارات الجزم بأن الترتيبات القادمة، ربما ستأتي من خارج "أجندة التغيير"، بل ربما تفتح المجال لتطورات مثيرة وصادمة، ومتجاوزة لكل الثوابت الأساسية لهذا الشعب.. هذا مثير للإحباط بل للغثيان.

وأخيراً أقول للحوثيين أرجوكم وفروا الأحبار والأصباغ والدهانات، وكفوا عن رسم ورفع الشعار المتخم باللعنات والسباب، لأصدقائكم الحميمين، وارفعوا المخلفات المقززة التي أبقيتم عليها في محيط الجامعة الجديدة وبالقرب من الفرقة، خلاص انتهت اللعبة..