صديقي "صَاحِب صَبِرْ"
غالباً ما أناديه بـ "صَاحِب صَبِرْ" ، وصَبِرْ جبلٌ تستقي منه تعز الشموخ والبلس والقات ، والجميلات منه لازلن يعطرن المدينة بالمشاقر ، والقات "العُصَبْ" ، ولايخلو حديث التعزيين عن رجال صَبِرْ "المشارعين" ، وقات صَبِرْ المثاني ، وعن "الفندم المحمودي" و"الشيخ عارف جامل" بحلوه ومُره .
لطالما حدثني صديقي "صَاحِب صَبِرْ" عن مواجهتهم لتمدد مليشيا الانقلاب لمناطقهم ، وخاصة في مشرعة وحدنان ، وكيف تحول "المقاوتة" إلى مقاومين ، وكيف احرقوا الدبابة في "عُنقب" فانطلقت الشرارة الأولى ، وحصدوا وحصدنا معهم فرحة انكسار المعتدين .
في عام الحصار الاول الذي أطبق على مدينة تعز لم أجد منفذاً آمناً أتسلل من وإلى المدينة عبره إلا "مشرعة وحدنان"، وكان عليَّ أن أقطع مسافة طويلة مشياً على الأقدام ، ووجدت في "صَبِرْ" مالم أكن اتوقعه من حسن تعامل أهلها ، وترحيبهم بنا، وقرأت في عيون الصغار والكبار روح البساطة الممزوجة بالإصرار والتحدي ، ولم استغرب كيف تحول هؤلاء البسطاء إلى وحوش كاسرة حين هاجمهم البغاة ، فالجبال تجيد صنع الرجال .
وفي أيام النضال تلك حفرت طريق "طالوق" اسمها في الذاكرة التعزية ، ومنها كُسر الحصار الظالم في أول أيامه ، وستتذكر الأجيال مشاهد الناس أفواجاً تحمل على ظهورها الغذاء والدواء ، ودبات الأوكسجين لتغيث المدينة ، وعبر "طالوق" حمل المقاومون على ظهورهم أول مدفع ليذودوا عن كرامة تعز ، وبين هذه الجلبة كنت استعيد عافيتي حين أمرُّ من هناك .
أما صديقي "صَاحِب صَبِرْ" فلطالما تقاسمنا معاً "مافي جيب أحدنا"، وافراحنا وخيباتنا، ولازلنا نضحك سوياً إن تعثر أحدنا في انجاز مهامه الإدارية ، ثم نتعاضد لننجزها سوياً ، ورغم أنه يحمل الماجستير في الشريعة والقانون لازلت انعته بـ "المُقَوِت" حين يخفق في شئ، فتبدوا من محياه ابتسامة خجلى ، ثم نضحك بِسُرف .
سيقرأ صديقي ما كتبته هنا ، وسيبتسم وهو يداعب أوراق القات بين يديه ، وسيحاكمني لماذا لم أخبره أنني سأكتب عن صَبِرْ وعنه ، وسأستلم بسهولة لإني لا اجيد "المشارعة" وسنضحك سوياً لنبدأ فصلاً جديداً من فصول صداقتنا ..
دمتم سالمين ..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها