إرهاصات متقدمة لمواجهة سعودية – إيرانية

أثار الحكم الصادر عن محكمة سعودية الأربعاء الماضي بإعدام رجل الدين الشيعي "نمر باقر النمر"، ردود فعل رسمية إيرانية تصعيدية، أبرزها وأخطرها تلك التهديدات والتحذيرات أطلقها قادة عسكريون إيرانيون بتحويل السعودية إلى جحيم في حال نفذت الرياض حكم الإعدام.
ويدخل ضمن التصعيد الإيراني، ترافق أعمال عدائية ميدانية مع تلك التهديدات. حيث تعرضت، السبت، دورية أمنية سعودية إلى إطلاق نار بمحافظة القطيف شرقي المملكة، تزامنت مع تحركات احتجاجية مسلحة في العاصمة صنعاء نفذتها جماعة الحوثي المسلحة الموالية لإيران للمطالبة بإلغاء حكم المحكمة السعودية ضد المعارض الشيعي السعودي.
وكانت المحكمة الجزائية بالرياض أصدرت الأربعاء الماضي حكما على رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر (54 عاما) بعد اتهامه بـ "زرع الفتنة وزعزعة الوحدة الوطنية". حيث تعتبره السلطات السعودية، التي اعتقلته في السابق عدة مرات، من أبرز المحرضين على التظاهرات في القطيف.
وتناقلت مواقع إخبارية عربية، بينها موقع (عربي 21) بلندن، تصريحات منسوبة لرئيس قوات التعبئة الشعبية الإيرانية (الباسيج) العميد محمد رضا نقدي، نقلتها السبت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، وحذر فيها السلطات السعودية من إعدام العالم الشيعي المعارض نمر النمر، مؤكدا أنه في حال ارتكب حكام السعودية هذه الجريمة فإنها لن تمر دون رد.
رئيس "الباسيج" الإيراني يهدد بتحويل حياة "آل سعود" إلى جحيم.. بعد أيام من اعتقالات الحرس الثوري علماء سنة في إيران ردا على حكم القضاء السعودي
وبحسب ما أفادت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، قال "نقدي" أنه في حال نفذ حكم الإعدام الصادر من النظام السعودي على الشيخ النمر، "فإن المسلمين سيعملون وفق الآية الكريمة (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا) وسيحولون حياة آل سعود الى جحيم".
واعتبر إن هذا الحكم لا يمثل مشكلة بين الشيعة والسنة بل هو أمر بين الإسلام والكفر.
وأضاف: "النظام السعودي المشؤوم الذي أوجدته بريطانيا لم يصدر منه منذ بداية تأسيسه سوى الخبث والخيانة بحق الأمة الاسلامية".
وأوضح أنه "لولا الدعم الذي قدمه نظام آل سعود للكيان الإسرائيلي قد انهار منذ عقود". مضيفاً أن هذا الحكم لم يصدر من أهل السنة بحق عالم دين شيعي بل صدر من نظام كافر ومنبوذ.
وجاء نشر وكالة الأخبار الإيرانية لتلك التصريحات بعد ساعات من تعرض دورية أمنية سعودية بمحافظة القطيف شرقي المملكة، والتي ينتمي إليها رجل الدين النمر، لإطلاق نار من مجهولين، فجر يوم أمس السبت.
ويعد هذا الهجوم هو السابع من نوعه خلال الأشهر الماضية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن المتحدث باسم شرطة المنطقة الشرقية القول إنه "عند الساعة الثانية صباحا من يوم السبت الموافق 24-12- 1435هـ، وأثناء أداء دوريات الأمن لمهامها بمدخل بلدة العوامية شمال محافظة القطيف تعرضت لإطلاق نار كثيف من مصدر مجهول مما نتج عنه اشتعال حريق محدود في أنبوب فرعي للنفط، قريب من الموقع." دون أن يوضح ما إذا كان الهجوم تسبب في سقوط ضحايا أم لا.
وتابع: "باشرت الجهات المختصة للحريق على الفور وإخماده، كما باشر المختصون بشرطة محافظة القطيف إجراءات الضبط الجنائي للجريمة والتحقيق فيها، واستكمال الإجراءات النظامية لكشف المتورطين في هذه الجريمة، واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم."
ونقلت وكالة (رويترز) عن مصدر بصناعة النفط قوله إن حريقا محدودا اندلع في أنبوب فرعي للنفط في المنطقة الشرقية بالسعودية نتيجة الهجوم دون أن يؤثر ذلك على عمليات إنتاج وتصدير النفط.
وفي السياق، وبعد ساعات قليلة من العملية السابقة، نفذ مسلحون يتبعون جماعة الحوثي الموالية لإيران، تظاهرة احتجاجية أمام السفارة السعودية بصنعاء صباح أمس السبت، للمطالبة بالإفراج عن رجل الدين الشيعي المحكوم عليه بالإعدام.
ونقلت وكالة (رويترز) عن أحد الشهود أن المحتجين الحوثيين المسلحين ببنادق كلاشنيكوف هتفوا في التظاهرة أمام السفارة السعودية بشعارهم المعروف: "الموت لامريكا.. الموت لاسرائيل".
وبحسب الوكالة، أغلقت قوات الأمن والقوات المسلحة اليمنية جانبي الطريق أمام السفارة وراقبوا التظاهرات.
وسيطر الحوثيون الشيعة، الموالون لإيران والمدعومون منها، على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر ايلول "دون مقاومة تذكر من الإدارة الهشة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي". حسب وصف رويترز.
وسبقت تلك التحذيرات، التي أطلقها رئيس قوات التعبئة الشعبية الإيرانية (الباسيج) العميد محمد رضا نقدي، وتلك التحركات الاحتجاجية المسلحة للحوثيين أمام السفارة السعودية بصنعاء، حملة اعتقالات واسعة قام بها الحرس الثوري الإيراني (المرتبط بمرشد الثورة علي خامنئي) ضد علماء سنة في إيران. وذلك بعد يوم واحد من إصدار المحكمة السعودية حكمها بإعدام رجل الدين السعودي الشيعي. بحسب ما كشفه تقرير خاص نشر، السبت، على موقع (عربي 21).
وذكر الموقع، الذي يتخذ من العاصمة البريطانية (لندن) مقرا له، أبرز المشايخ الذين تم اعتقالهم، وهم: الشيح مولوي فضل الرحمن الرئيسي وابنه أمين فضل عبدالرحمن الرئيسي، وشقيق الداعية السني الإيراني محمد الرئيسي إمام جمعة مدينة نصير آباد السنية في إقليم بلوشستان.
وبحسب الموقع، فقد وصف علماء سنة تلك الاعتقالات بأنها رد فعل إيراني على الحكم السعودي بإعدام النمر.
وينظر إلى تلك التحركات الاحتجاجية لجماعة الحوثي المسلحة بصنعاء ضد حكم المحكمة السعودية، على أنها رسالة ضغط أخرى من إيران ضد المملكة السعودية، تحذرها من تغيير موازين القوى مؤخرا لمصلحتها، وقد أصبحت جماعة الحوثي، الحليف الصاعد لطهران في اليمن، هي المسيطرة – شبه كليا - على الخاصرة الجنوبية للمملكة.
التهديدات الإيرانية تزامنت مع تحركات حوثية بصنعاء ضد الرياض..واستهداف دورية أمنية بالقطيف
يأتي ذلك، فيما كانت معلومات تداولتها قبل أيام وسائل إعلام محلية، وأخرى أجنبية، تفيد أن المسلحين الحوثيين فرضوا سيطرتهم الكاملة على منفذ حَرَض الحدودي مع المملكة العربية السعودية، وانتشروا في محيط المنفذ، الذي يعد أهم وأكبر المنافذ البرية الرئيسية بين المملكة واليمن.
وأكد موقع الـ"بي بي سي" الخميس الماضي تلك المعلومات عن مصادر في مصلحة الجمارك اليمنية.
ويكشف الحكم الأخير الصادر عن المحكمة السعودية ضد رجل الدين الشيعي، وما أثاره من تداعيات تمثلت بردة الفعل الإيرانية، طبقا لما سبق الإشارة إليه أعلاه، أن صراع كسر العظم بين الرياض وطهران بدأ يتجاوز بجلاء صراعات الوكالة خارج حدود الدوليتين إلى الصراعات المهددة لهما في الداخل.
وكما شهدت محافظة القطيف السعودية في السابق – ومؤخرا - تحركات حلفاء إيران من الداخل، وما يمكن أن تشكله جماعة الحوثي المسلحة في المستقبل القريب على الحدود الجنوبية السعودية، فأن إقليم بلوشستان السني في إيران بدأ يشهد مؤخراً تصاعدا في العمليات العسكرية ضد المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للحرس الثوري.
وبحسب ما جاء ضمن تقرير موقع (عربي 21) المشار إليه أعلاه، في هذا السياق، فقد هددت الفصائل الإسلامية السنية المسلحة في إيران باستهداف المدن الكبرى والعاصمة طهران إذا لم يكف النظام الإيراني عن حملة الاعتقالات التي تنفذ بحق النشطاء ومشايخ السنة في الإقليم.
يذكر أن رجل الدين السعودي الشيعي "النمر" دعا في العام 2009 إلى "انفصال القطيف والإحساء وإعادتهما إلى البحرين لتشكيل إقليم واحد كما كانت سابقا". في إشارة إلى الحقب السابقة، كما أنه موقف داعم للمتمردين الحوثيين في اليمن. طبقا لوصف وكالات أنباء ومواقع أخبارية عالمية.
ولقي ما لا يقل عن عشرة من الشيعة مصرعهم في القطيف بين تشرين الأول/ أكتوبر 2011 وصيف 2012 خلال مواجهات مع قوات الأمن.
وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في شباط/ فبراير 2012 أن ما يحدث في القطيف "إرهاب جديد" ستتصدى له السلطات "مثلما تصدت لغيره من قبل دون تمييز مناطقي أو طائفي" في إشارة إلى تنظيم القاعدة.
واليومين الأخيرين، تداولت أخبار صحفية تفيد أن المملكة السعودية تعمل على تعزيز قواتها المسلحة على الحدود اليمنية، في إثر المعلومات التي أكدت سيطرة جماعة الحوثي على منفذ (حرض) الحدودي مع المملكة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها