قصة سقوط "خبزة" قيفة بيد مسلحي الحوثي

سقطت قرية "خبزة" التابعة لمديرية رداع، بمحافظة البيضاء، وسط البلاد، أمس الأول الجمعة، بيد المسلحين الحوثيين، بعد نحو أسبوع من الكر والفر، والحروب الشرسة مع رجال القبائل هناك.
وحسب مصدر قبلي في القرية، فإن المقاتلين من قبيلة "آل الحطيمة" الذين كانوا يتناوبون على مواجهة مسلحي الحوثي قرابة 100 مقاتل، يتسلحون بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة المعروفة لدى القبائل، إضافة إلى اقتنائهم رشاش 7/12 وهاوناً واحداً، غير أن هذه القبيلة مشهورة بشراستها بين قبائل "قيفة"، لذا كان من الطبيعي أن يقاوم مائة مقاتل من أبنائها، أسبوعاً كاملاً، في وجه آلة الحرب المدججة بأنواع الأسلحة من مخازن القوات المسلحة المنهوبة.
وبحسب استقصاء أجرته الصحيفة، فإن مسلحي الحوثي استخدموا خلال الأسبوع الماضي للحرب على "خبزة" الدبابات وعربات "بي ام بي" وراجمات الصواريخ، إضافة إلى مئات المقاتلين.
وتقول معلومات مؤكدة حصلت عليها "المصدر" إن زعيماً قبلياً بارزاً ينتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام (تتحفظ الصحيفة على اسمه) لعب درواً بارزاً في سقوط قرية "خبزة" بيد مسلحي الحوثي، من خلال الايعاز إلى قبائل المنطقة بعدم المشاركة في الحرب ضد الحوثيين بذريعة أن من يقاتل في "خبزة" هم من تنظيم القاعدة، وليسوا رجال القبائل، وسعى بكل جهده إلى تخذيل القبائل؛ فليس عيباً أن تُترك "خبزة" تُقاتل وحدها، لأنها لا تمثل القبيلة، بل تمثل تنظيم القاعدة.
وحسب رسالة وجهها الزعيم القبلي إلى قبائل "قيفة"، وحصلت "المصدر" على نسخة منها، أشار فيها إلى "أن باستطاعته إعلان الحرب، أو التدخل لمحاولة التفاوض والوصول لتسوية لإيقاف هذه الحرب، وكلها كانت مُمكنة، لكن الناس ليسوا في يد الشيخ يفعلون ما يقول، ويحتكموا لتوجيهاته، أو انهم تبع تنظيم ولا علاقة للقبيلة والشيخ"، مضيفاً "هل إذا قطع عليهم (الشيخ) في تفاوض ما، فحديثه مقبول، أو أن المسألة خارج اليد، والأمر يرجع الى من أدخلنا في حروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل".
و روى أكثر من مصدر في "خبزة" أن الزعيم القبلي كان يناصب الشيخ "نبيل الذهب" العداء، نتيجة الصراع على النفوذ في مناطق قيفة، والأخير بدأ يؤثر بشكل ملفت في القبائل، ما أدى إلى احتدام الصراع بينهما، وبدأ الشيخ القبلي يخاف على نفوذه في القبيلة، وهو أحد الأسباب التي جعلت الزعيم القبلي يستخدم نفوذه في قبيلة "قيفة" لمنعها من مساندة القبائل في قرية "خبزة"، وهو ما كان.
وتابعت الرسالة "بالنسبة لنا احنا لا نتبع هؤلاء ولا هؤلاء، وقبيلتنا وصحبنا هو أساس اهتمامنا وهو ما يربطنا، فمن كان على هذا المبدأ فنحن معه، وإحنا قيفة، ومن حب "يتمقيف" بشروط تبع هذا أو ذاك، فهذا هو اختياره ولا نملك له إلا الدعاء".
المصدر القبلي نفسه قال للصحيفة "إن الرسالة واضحة، ومفادها أن قيفة، عدا آل خبزة، لن تقاتل الحوثي، تحت المبرر ذاته الذي كان يقوله عدة مشايخ قبائل تابعين للمؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) أيام حرب الحوثيين في "حاشد" وفي مدينة عمران، إذ أن الأمر لا يعدو عن كونه حرباً بين الحوثي وآل الأحمر، وتارة بين الحوثي والقبائل الموالية لحزب الإصلاح".
وأضاف "تحالف الزعيم المؤتمري لم يعد مجرد تهمة من قبل خصومه، بل بات واقعاً ملموساً وتتحدث به الناس في "خبزة" حتى الحوثيون أنفسهم".
فقد امتدح "وليد الديلمي" أحد ناطقي جماعة الحوثي في رداع، في صفحته الرسمية على "فيسبوك" الزعيم القبلي، واصفاً ما قام به بالدور الأبرز في حسم المعركة، وتسهيل المهمة في سيطرة من اسماهم "اللجان الشعبية" على قرية خبزة، مشيراً الى انه أرسل رسالة للقبائل التابعة له (تم الإشارة إليها سابقاً)، والتي كانت تريد المشاركة في الحرب الى جانب أهالي "خبزة"، طالبهم فيها بـ"ضرورة الوقوف على حياد في الحرب الدائرة على منطقة خبزة، كونها حرباً ضد "الإرهاب" و"تنظيم القاعدة" ولا علاقة لها بالصحب وأعراف القبائل"- حد قوله.
تجدر الإشارة هنا إلى أن "أنصار الشريعة"، فرع القاعدة في اليمن، غادروا مناطق "قيفة"، مطلع شهر نوفمير الجاري، خاصة بعد مقتل الشيخ "نبيل الذهب" في الـ3 من نوفمير الجاري، وتحدثت مصادر إعلامية، بينها وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي حول مغادرة القاعدة المنطقة إلى محافظات أخرى، لاسيما بعد الخسائر التي تكبدوها جراء ضربات الطيران الأمريكي دون طيار "الدرونز"، كونهم أصبحوا هدفاً مكشوفاً.
وحسب مصادر قبلية متطابقة، فإن الحرب على منطقة "خبزة" في قيفة رداع كانت حرباً قبلية بامتياز، حيث شارك فيها جميع أبناء القبيلة دون استثناء، ومن كل الانتماءات السياسية.
ويوم الجمعة الماضية، استطاع مسلحو جماعة الحوثي من السيطرة على قرية خبزة من جهة الغرب باتجاه المناسح، بعد نحو أسبوع من المواجهات المتقطعة مع مسلحي القبائل، وبعد يومين من المعارك المستمرة عَمَدَ فيها الحوثيون إلى استخدام سياسة الأرض المحروقة، ما اضطر القبائل إلى الانسحاب؛ لأنه - بحسب أحد المقاتلين- لم يكن لديهم عوامل الاستمرار من الامداد والعتاد، إضافة إلى الرغبة في احراق القرية بمن فيها.
وبحسب المصدر نفسه، فإن نحو 70 مسلحاً حوثياً قُتلوا خلال يومين من المواجهات المستمرة، بينهم 25 مسلحاً سقطوا بكمين نصبه القبائل وقت اقتحام الحوثيين قرية خبزة.
ووفقاً لشهود عيان تحدثوا إلى "المصدر" فإن الحوثيين بدأوا بتفجير عدة منازل لمواطنين من أهالي القرية ممن شاركوا في مقاومة مسلحي الجماعة خلال الأيام الماضية، بينها منزلا "مسعد عباد الخبزي" و"قرقور الخبزي".
ووفق شهادة "عايش أبو صريمة" الطبيب في مستشفى رداع المركزي، فإن أهالي خبزة نزحوا إلى الكهوف والوديان في قرية "النجد" و"وادي الهده" و"وادي المصامه" ويعيشون مأساة، إذ وجدوا أنفسهم فجأة في العراء بتهمة هم أبعد ما يكونون عنها.
وأشار "أبو شريمة" نقلاً عن أحد النازحين "والله يا ولدي لا حنا قاعدة ولا ننتمي إلى أي جهة، احنا رعية في جربنا".
ويضيف أبو صريمة "كان المنطق ببساطته وسطحيته العميقة التي تعري الكذب والزيف في منطق الغزاة الحوثيين، الذين لن يعدموا التبريرات والذرائع الواهية لقدومهم إلى المناطق وتخريبها، بعذر وجود "تكفيريين" و"دواعش"، وسيواكب إعلامهم الأحداث مواكبة تضمن لهم تزييف الوعي، وإظهارهم في صورة ليست على حقيقتها".
إحدى نساء "خبزة" تقول "يا ولدي قولوا للحكومة والله ما احنا قاعدة والبيوت ذي فجروها بعضها حق مغتربين".
ويخوض رجال القبائل في رداع، منذ قرابة شهر، معارك عنيفة ضد أنصار الحوثي، خلفت مئات القتلى والجرحى.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها