من حليف سابق إلى هدف لاحق..صالح يتصدر القائمة السوداء الأمريكية

لأسباب قوية ظلت الأحداث تتسارع في اليمن بدءاً بقدوم عاصفة الربيع العربي, وانتهاء بسيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء. وبين هذا وذاك وجد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح نفسه خارج السلطة ولم يكن أمامه سوى أن يقوم بدوره في صناعة تحالفات جديدة.
صالح, وسلسلة تحالفاته على مدى سنوات طويلة, عصيان على التلخيص والإيجاز وسيظلان موضع نقاش وخلاف في المستقبل. ومع قدوم العاصفة التي أزاحت صالح عن السلطة , وظهور تحالفاته الجديدة وإرباكه للمشهد حين بدأ, لم يكن أحد يعرف ماذا سيحقق صالح وإلى أين ينتهي.
في هذا التقرير الأخير الذي نشرته جريدة ديلي ستار مؤخرا يلخص الكاتب والصحفي إليستر سالون- المتخصص في مراقبة الأوضاع في الشرق الأوسط- الأسباب التي أدت إلى بروز نهج واشنطن الأخير في الانفصام والانسلاخ عن واحد من أهم حلفائها الموثوقين في المنطقة.
وكان الإعلان الأمريكي في إعادة تصنيف وإدراج صالح من حليف سابق إلى هدف لاحق –كما يؤكد كاتب هذا التقرير- قد قلب كل المعادلات والاحتمالات.
إدراج صالح ضمن القائمة السوداء للولايات المتحدة الأمريكية قد يعني من وجهة النظر الأمريكية أن الحرب على الإرهاب قادمة ببطء كونها ببساطة تعني صراعا ضد المعارضين للحكومة اليمنية وللسلام في المشهد اليمني وليست فقط ضد العناصر والجماعات الإرهابية. وبإعلانها وضع صالح في قائمتها السوداء يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن ذلك سيمكنها في تحقيق النجاحات وعمل الأفضل, في ظل سياستها الجديدة المرسومة تجاه اليمن.
أمريكا.. صالح.. قصة تحالف
يوماً ما, كنت أقرب حليف للولايات المتحدة في “الحرب على الإرهاب”، بعد ذلك تجد نفسك فجأة على قائمتها السوداء ضمن لائحتها الخاصة بالمطلوبين. هذا بالتحديد الآن, ما يجده الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في نفسه خلال الوقت الراهن.
لسنوات طويلة، ظل صالح الرجل الأول والحليف الأوثق لواشنطن في اليمن, هذا البلد الذي يحتضن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية – الذي تشكل في العام 2009 عن طريق دمج فروع تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية – وهو التنظيم الأكثر نشاطا. ومنذ العام 2002، ظلت الأجهزة الأمنية الأميركية تطارد تنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها عن طريق هجماتها المتكررة التي تشنها الطائرات بدون طيار بواسطة الصواريخ ونشر القوات الخاصة، والاستجوابات المفزعة والوحشية.
صالح يكذب
كل هذا ذهب تحت إشراف دقيق من طرف صالح، الذي بقي يقدم الاعتراض غير الصادق على هذا البرنامج -الطائرات بدون طيار- المثير للجدل.
ووفقا لبرقية دبلوماسية مسربة في يناير/ كانون الثاني من العام 2010، قال صالح للجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط في ذلك الوقت: «سنواصل إقناع الجميع إن القنابل التي تسقطها طائراتكم، هي من جانبنا وليس من جانبكم».
صالح في ذلك الوقت كذب حسب الأصول أمام البرلمان ونواب الشعب في اليمن مدعيا أن القنابل المتساقطة هي من مسؤولية الجيش اليمني مع وجود فقط الدعم الاستخباراتي من الجانب الأمريكي ضمن التعاون المشترك في الحرب على الإرهاب وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
الحفاظ على الوضع الراهن
في الواقع، كانت الولايات المتحدة تمتلك هذا البرنامج بأكمله، في هذا السياق هنالك أيضاً رسالة، بعث بها السفير الأمريكي في اليمن آنذاك ستيفن سيش، الذي لاحظ حسب تلك الرسالة الموجهة إلى الإدارة الأمريكية: أن حكومة اليمن تلح بضرورة “استمرارها تحت هذا الوضع” بما يعني الحفاظ على الوضع الراهن في استمرار وتنفيذ البرنامج, وهي ردود على ما يتعلق بالنفي الرسمي من تورط الولايات المتحدة. وقد أراد صالح أن تتواصل العمليات التي تنفذها الطائرات بدون طيار في سماء اليمن دون توقف حتى يتم القضاء على هذا الداء.
في ذلك الوقت، كانت القوات الحكومية الخاصة-حسب الأوامر الصادرة من صالح -تقاتل القاعدة في جزيرة العرب، الجيش اليمني أيضا كان لا يزال مستمراً في مقارعة التمرد الحوثي في الشمال، المقاتلون الشيعة الحوثيون أنفسهم، كانوا في ذلك على اهتمام بالغ بضرورة التصدي ومحاربة القاعدة في جزيرة العرب. وحتى يومنا هذا، لا يزال الحوثيون، والقاعدة في جزيرة العرب, والحكومة المركزية يخوضون معركة ضارية من أجل التفوق في اليمن. مع ذلك، ومنذ رحيله من منصبه كرئيس للبلد في العام 2011، ينحاز صالح نفسه في تحالف عميق مع الحوثيين, ليجد نفسه فجأة على لائحة الإرهاب الأميركية.
دعم أمريكي يزعزع الاستقرار
حتى وقت قريب، كان الرئيس باراك أوباما يشيد باليمن كمثال على “النجاح” في “الحرب على الإرهاب”.
وأشار أوباما مرارا كيف أن استراتيجية تمثل نموذجا ناجحا “لاستخدام القوة ضد أي شخص يهدد المصالح الجوهرية للولايات المتحدة الأمريكية، مع ضرورة مساندة ودعم الشركاء حيثما كانوا, وهو ما سيساعد ويكون ممكناً في مواجهة التحديات الأوسع للنظام الدولي”.
وشدد أوباما على أن” دعم الشركاء في الخطوط الأمامية هي واحدة ممن تم تتبعها بنجاح في اليمن والصومال لسنوات”، مع ذلك، فإن الدعم الذي ظل يقدمه أوباما لصنعاء قد تسبب الآن في زعزعة الاستقرار في اليمن إلى الأبعد من ذلك.
قبل شهر، كانت العلاقات السعودية مع الحوثيين تأخذ قياساً نسبيا، ويركز زعماء المتمردين بقوة على التهديدات التي يفرضها تنظيم القاعدة على اليمن، في وقت تنأى الجماعة الحوثية المسلحة بنفسها إلى حد ما من جدول الأعمال التوسعية الشيعية القادمة من إيران.
وعندما سيطر المسلحون الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء بقي الموقف السعودي هادئا نسبيا، كما أن الصحافة الإيرانية تحدثت عن وجود نوع من التقارب مع الرياض حول قضية اليمن والمتمردين الحوثيين.
صالح.. حليف سابق هدف لاحق
الإعلان عن إعادة وضع وتصنيف صالح من طرف “الحليف” إلى “الهدف” قلب كل المعادلات، ويقول منتقدون أن ذلك فقط سيجعل صالح وأتباعه أكثر شعبية، مع التشديد على ضرورة الوصول إلى حكومة شاملة وقوية بدلا من الإقصاء ورفض الآخر.
الأحداث في الشارع اليمني فيما يخص مجلس الوزراء, تحتمل خروج أكثر من كل هذه التحليلات. وكانت الأخبار التالية من العقوبات التي تجري مناقشتها في مجلس الأمن الدولي على الأطراف المعرقلة للسلام، قد أدت إلى خروج الآلاف من مؤيدي صالح والحوثيين إلى الشوارع. وكان الأعضاء ضمن حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، قد أعلنوا انسحابهم من عضوية الحكومة الجديدة بعد أن تم تأكيد العقوبات. وبعد أن تم عزل الرئيس الحالي هادي من قيادة حزب المؤتمر عمت حالة الفوضى طاولة قيادة وقواعد حزب المؤتمر. استياء الحوثيين من خروج قائمة الإرهاب الجديدة قد يحول حركة التمرد الحوثي بحزم إلى القيام بأنشطة محتملة ضد الولايات المتحدة.
مناسبات صالح والحوثيين
الأهم من ذلك فيما يخص الشعب اليمني ورئيسه السابق صالح, أن الوضع بين الطرفين يشبه تماما تلك القصة التي حملتها الكتب السماوية (الغلام المؤمن والملك الكافر) وتستلزم “إلقاء طوق نجاة”، على الطرف المظلوم.
وبعد أن ذهب إلى القتال مع الحوثيين في مناسبات عديدة، يجد الرئيس اليمني السابق –صالح- نفسه الآن تتماشى مع أهدافهم الأصلية في معارضة التدخل الأمريكي. في حين أن منافسه الأكثر قدرة الرئيس الحالي هادي، هو من يبقى خارج الصورة.
نهج واشنطن الأخير في الفصام والانسلاخ عن صالح يوضح أيضا كيف أن “الحرب على الإرهاب” قادمة ببطء كونها ببساطة تعني صراعا ضد المعارضين للحكومة، وليست فقط ضد العناصر والجماعات الإرهابية. ويبقى أن وضع الرئيس السابق في القائمة السوداء الأمريكية – الذي هو بلا شك موضوع تافه سواء لم يكن صالح له نشاط أو موقف يدعم الإرهابيين، أو كان إرهابيا نفسه – بلا شك يضفي الشرعية على التعسف في استعمال هذا المصطلح من قبل العديد من الأنظمة في أماكن أخرى.
أمريكا محاولات لعمل الأفضل
يعتبر اليمن مسرحا رئيسيا في “الحرب على الإرهاب”، وإذا ما تم منح الولايات المتحدة وسيلة لانتقاء واختيار أعدائها في اليمن، فإن ذلك سيدفع بالأمور في تحقيق النجاحات وعمل الأفضل.
وفي حين أن الرئيس اليمني السابق صالح قد لا يحظى بالقوة والتأثير الإيجابي من خلال مغازلاته الحالية مع الحوثيين، مع انعكاس التأثير السياسي الذي قد تسببه القائمة السوداء الأمريكية الأخيرة والتي حملت اسم صالح – أي عدم ضمان تحقيق الاستقرار الأكثر في اليمن – إلا أن ذلك يعني تأطير صالح في السياق الذي لأجله هو الآن متهم.
اليستر سلون | ديلي ستار 28 نوفمبر 2014
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها