"جبن تعز".. وصية الناصح وهدية السائح
ولم تتأثر تلك الصناعة بكثرة أنواع الجبن الصناعي المستوردة المنتشرة في الأسواق، إذ يفضل اليمنيون الجبن البلدي لمذاقه المتميز ومكوناته الطبيعية.
ويأتي المواطن اليمني يوسف عبد الجليل من محافظة إب لشراء الجبن البلدي لأسرته، كما يأخذه كهدايا لأصدقائه في اليمن وخارجها، ويعتبره "أفضل هدية يأتي بها لأهله وأصدقائه من تعز، لأنه طازج وطبيعي، ولا يضر صحة الإنسان بعكس الأنواع المستوردة والصناعية".
البلدي يؤكل
أما محمد فائد الشميري فيقول إنه يواظب على شراء الجبن البلدي بشكل دائم ولا يشترى الأنواع المستوردة إطلاقاً، لأن الجبن البلدي لا يحتوي على أي مواد حافظة، فكل مكوناته طبيعية، كما أن ذلك يعد دعماً للاقتصاد المحلي ولآلاف الأسر اليمنية التي تعيش على صناعته وبيعه.
وعن استخدامات الجبن في الوجبات الغذائية، قال الشميري إنه يمكن أكله منفرداً أو مع الخبز خاصة عندما يكون خاليا من الملح، أما الأنواع التي يضاف لها الملح فيمكن خلطها بالطماطم والفلفل لتكوين وجبة "السحاوق" التي تؤكل مع الخبز.
وفي "سوق الشنيني"، الذي يعد أحد أشهر أسواق الجبن في تعز، قال وائل حمود -أحد باعة الجبن- إنه وغيره من الباعة يحافظون على قطع الجبن من الحشرات بوضعها في أماكن خاصة وثلاجات، وغسلها بالماء يومياً حتى تبقى طازجة.
وعن أسعار الجبن، قال إنها تكون مناسبة في الصيف لتوفر اللبن بكميات كبيرة، حيث ترعى الأغنام والأبقار كثيراً فتنتج كميات كبيرة من الألبان التي تستخدم في صناعة الجبن، أما في الشتاء فترتفع الأسعار لقلة إنتاج اللبن كون المواشي لا تحصل على الرعي الكافي.
أسماء وأسعار
وتتفاوت أسعار قطع الجبن البلدي بحسب أنواعه وأحجامه، وتتراوح بين خمسة وعشرين دولاراً للقطعة الواحدة، وتسمى أنواعه بحسب مناطق صناعته، فمنها "العوشقي" وهو أشهرها، ومنها "الفاخري" و"القعمري" و"القاحزي" و"العوب".
وعن كيفية تحضير الجبن وصناعته، قال حازم الشميري إنها تبدأ بإحضار لبن الأغنام أو الأبقار ويوضع في إناء دائري وتضاف إليه كمية قليلة من مادة "اللفح"، وهو اللبن المستخرج من معدة صغير الغنم الذي لا يتجاوز عمره الأسبوعين.
وبعد ذلك، تضاف للحليب قطع صغيرة من جبن بلدي جاهز، ويخلط المزيج ثم يترك لمدة نصف ساعة، يبدأ بعدها بالتماسك ويكون صلباً، ويتم نقله إلى وعاء آخر، وفي اليوم التالي تخرج القطعة من الوعاء ويتم تبخيرها بجمر ودخان شجرة تسمى "الكباء"، للمساعدة على تماسك القطعة وتعقيمها وإعطائها رائحة زكية.
وترى رئيسة مركز التراث بتعز سعاد العبسي أن صناعة الجبن في تعز "يتم توارثها جيلاً بعد جيل لأكثر من نصف قرن، لكنه لا يوجد أي اهتمام رسمي برعاية تلك الصناعة والحفاظ عليها".
وذكرت أن المركز قدّم العديد من المشاريع للجهات المختصة للحفاظ على الموروث الشعبي، من بينها مشاريع تتعلق بالصناعات والحرف كصناعة الجبن، إلا أنه لم يتم التفاعل معها من الجهات الرسمية نتيجة الأوضاع التي تعيشها البلاد.
ونبّه الصحفي تيسير السامعي إلى وجود توجه لدى بعض رجال الأعمال لإنشاء مصنع للجبن البلدي في منطقة البرح، لصناعة الجبن بطريقة حديثة وبنفس خصائص الصناعة الطبيعية" غير أن ذلك المشروع لم يرَ النور جراء عوائق كثيرة"، داعياً الجهات الرسمية ورؤوس الأموال المحلية لتقديم الرعاية لهذه الحرفة وتطويرها بإنشاء معامل أو مصانع ترتقي بها وتنميها.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها