محافظ عدن: الحوار فرصة لكل القوى ورفض الحراك المشاركة فيه سيضع القضية الجنوبية على مفترق طرق

نفى محافظ عدن وحيد علي رشيد الاتهامات التي يشنها أعضاء الحراك نحوه والتي تفيد بقمع المظاهرات والمسيرات.. وقال: نحن رفعنا شعاراً للجميع هنا في عدن يفيد أن الاحتجاج والتعبير السلمي أياً كان مكفول قانوناً ويحميه الأمن وأتحدى من يورد حادثة واحدة لمسيرة سلمية جرى قمعها منذ الانتخابات الرئاسية التوافقية.

واستدرك رشيد: أما الاحتجاجات المسلحة والعبث بأمن الناس وطرقاتهم ومصالحهم العامة فإنها مرفوضة من الجميع والأجهزة الأمنية هي المخولة بمواجهتها ومنع تحولها إلى عصابات مسلحة تعبث بأمن المواطن وسيادة البلد ويستغلها البعض تحت مسميات عدة لتنفيذ أجنداته الخاصة.

وأبدى المسؤول الأول عن محافظة عدن تفاؤله بنجاح الحوار وتغليب المصلحة الوطنية فيه على ما سواها, وقال إن الحوار فرصة لكل القوى لتضع ما تريد وبأي سقف كان, مؤكداً على أن القضية الجنوبية هي أهم ما يمكن أن يراعيه الحوار وبكل أبعادها المختلفة ومقترحات حلها المتعددة, داعياً الحراك إلى المشاركة الجادة في الحوار بكل فصائله، منوهاً إلى أن رفض المشاركة في الحوار يعني وضع القضية الجنوبية في مفترق طرق.

وعن الوضع الأمني في عدن أكد المحافظ أن الجهود مستمرة في تحسين الخدمات, واستتباب الأمن, مشيراً إلى وجود بعض الحوادث العرضية والتي يمكن أن تحدث في أي مجتمع, وكشف أنه سيتم تعزيز مراكز الشرطة بالقوة الأمنية الكافية خلال الأسابيع القادمة ومن أبناء المحافظة أنفسهم..

فإلى تفاصيل الحوار.

× إلى أي مدى تتأثر أعمالكم في محافظة عدن بالتجاذبات السياسية والمناطقية ؟

ـ بالتأكد إن مثل هذه الأعمال لها تأثير سلبي على عملنا وتعوق العديد من الجهود والأنشطة ، ويستغله البعض لإشباع نزوات الحقد والحسد، لكن لأن عدن ليست كأي محافظة أخرى لم تجد دعوات تدمير المدينة استجابة أبداً، فعدن كبيرة بوعي أبنائها وبتظافر جهودهم وخبراتهم في كل المجالات, ناهيك عن طيبتهم وتسامحهم ، ومن هذا المنطلق اعتمدنا بشكل أساس على شعار أننا مع كل من يقف في صف نهضة عدن وتطويرها بصرف النظر عن انتمائه أو منطقته ، وضد من يحاول نشر الفوضى والانفلات والعبث أياً كان.

× بدأ العام الدراسي ورغم أنكم أكدتم أن نازحي أبين غادروا مدارس المحافظة ، ما يزال كثير منهم في المدارس.. ما الذي يمكنكم القيام به لإخلاء جميع المدارس ، وماذا بعد خروج النازحين؟

ـ نازحو أبين قدمت لهم عدن الكثير والكثير ، وضحى أبناء عدن بتعليم أطفالهم لإيواء إخوانهم النازحين ، ولأننا في عدن انطلقنا من مبدأ الإخاء والواجب الديني والإنساني والأخلاقي, فقد تعاملنا مع مشكلة بقاء النازحين في المدارس بأسلوب راقٍ ينطلق من مواقفنا الأخوية, وبذلنا جهوداً للتواصل مع كل المنظمات الإنسانية, لمساعدة النازحين في العودة الطوعية ، وبالفعل قدمت تلك المنظمات دعماً لهم وأقنعتهم بالمغادرة, وإخلاء المدارس لنتمكن من صيانتها وتجهيزها للعام الدراسي الحالي ، طبعا تم إخلاء 40 مدرسة من أصل 80 مدرسة كان يقطنها النازحين ، ونحن مستمرون في التواصل مع كل المنظمات لإقناع البقية في إخلاء ما تبقى من مدارس المحافظة، ولدينا خطة قد بدأ تنفيذها في ترميم المدارس التي غادرها النازحون ، لأنها تأثرت بشكل كبير جدا دمرت أثاثها, وأبوابها وكل التجهيزات الأساسية انتهت وعليه فإننا سنبدأ من الصفر لإعادة تجهيزها.

× الكهرباء رغم الاستقرار الذي شهدته منذ عيد الفطر لكنها بين حين وآخر تتكرر الانطفاءات ، وما تزال تؤرق المواطنين ويتم استغلالها بشكل يسيء إليكم كمحافظ.. كيف تواجهون هذه المشكلة؟

ـ مثلما تحدثت عدة مرات مع عدد من وسائل الإعلام أن مشكلة كهرباء عدن ليست وليدة اللحظة ولكنها موغلة في القدم محطات كهربائية منذ الثمانينيات أضحت متجاوزة لعمرها الافتراضي وزاد الطين بله التوسع السكني في المدينة وطقسها الحار وكل ذلك زاد من استهلاك الكهرباء والأحمال الكهربائية فوق طاقتها الافتراضية وخصوصاً في الصيف ، ومؤخراً تفاقمت مشاكلها مع كثرة الاستهلاك وما تتعرض له أيضاً المنظومة الكهربائية الوطنية من اعتداءات وكان لعدن النصيب الكبير من العناء. وفي هذا الجانب تحملنا مسؤوليتنا في بذل الجهود لإيجاد حل لمشكلة الكهرباء في المحافظة ، وبدعم من رئيس الجمهورية ، ورئيس مجلس الوزراء ، ووزير المالية وفي خطوة مستعجلة وزمن قياسي لا يتجاوز شهراً تم الموافقة على استيراد مولدات كهربائية إسعافية مستأجرة قدرتها 60 ميجاوات ، وتم تشغيلها بعد جهود جبارة وضغط شديد, ورغم أن المشكلة لم تحل بشكل جذري لكنها إلى حد ما حلت نسبة كبيرة منها.. وفي هذا الاتجاه نحن أعددنا استراتيجية لرفد عدن بما قدرته 1000 ميجاوات ، وبالتواصل مع رئيس الجمهورية أدخلت ضمن ميزانية الدعم المقدم من المانحين ، ونأمل أن يرى هذا المشروع النور في القريب العاجل.

× الجانب الأمني في عدن مقلق في ظل انتشار السلاح وتواصل شكاوى الناس في هذا الجانب.. ما هي إستراتيجيتكم كلجنة أمنية وقيادة محافظة لاستتباب الأمن ؟

ـ قضية الجانب الأمني هي بحاجة إلى مزيد من والعمل مزيد من الجهد، نحن نتمنى ألا يسمع المواطن طلقة رصاص في محافظة عدن ولكن نقول بأن ذلك نتيجة للانعكاسات التي تمت في السنوات الماضية والسياسات الخاطئة التي تم تنفيذها كلها ألقت بثقلها على عدة مناطق في الجمهورية اليمنية وكانت من هذه المناطق عدن, فاليوم عندنا قيادة أمنية جديدة وعندنا ترتيبات أمنية جديدة, والأمن في تطور مستمر.. صحيح لم نصل إلى الأمر الذي يرضى عنه المواطن ولكن نقول جملة هناك العديد من التطورات الايجابية في العملية الأمنية ، وهذه العملية هي بحاجة إلى مزيد من التطور وتكاتف الجهود ، نحن بحاجه للمجتمع أولاً.

- كيف ؟

ـ طبعاً الجانب الأمني إذا أخذناه كمنظومة عسكرية من الصعب الإلمام بكل المهام، لأننا في هذه الحالة نحول الحياة المدنية إلى عسكرة, ولكن إذا أخذناه كمنظومة اجتماعية، أي أن المواطن مساهم مساهمة حقيقية في تثبيت دعائم الأمن، هنا يكون الكلام منطقياً ومعقولاً، فليس بالإمكان أن نضع في كل مدرسة طقماً عسكرياً, ولا أستطيع أن أضع على كل مستشفى، بل انه على كل قسم من أقسام المستشفى عسكري وكذلك أمام كل مبنى ومرفق حكومي ، فعندنا في عدن عشرات الإدارات العامة وعندنا مئات الأقسام والمصالح المنتشرة لأكثر من مليون مواطن وأكثر من ستين ألف موظف، ناهيك عن القطاع الخاص، فإذا كنا ننظر للأمور الأمنية من هذه الزاوية فأنا أراها صعب التحقق.

 ولكي تحقق الجهود مبتغاها يجب أن يساهم المواطن مساهمة ايجابية في العملية الأمنية اعتماداً على منظومة مركز الشرطة الشعبي، هذا المركز يلعب فيه المواطن دوراً كبيراً، فغالبية المنتسبين للأمن من أبناء المدينة، لذا يحتم عليهم الواجب القيام بمهامهم في تحويل تلك المراكز إلى منطلق للعمل الاجتماعي أولاً.. أما إذا كنا معتقدين انه لابد أن نوزع قوة على كل شارع فعندنا آلاف الشوارع مهما كانت حجم القوة العسكرية لا نستطيع تأمين كل مربع وكل متر بداخل عدن  اعتماداً على التامين العسكري  بعكس إذا أمناه بصورة اجتماعية سيكون لكل مواطن دور ودور كبير جدا والمواطنون فعلا سيتفاعلون بشكل ايجابي طالما وهناك منظومة أمنية متواجدة.

× لكن الكثير يرى أنه ليس هناك تحسن أمني ملحوظ.. ما صحة هذا الطرح؟

ـ نحن لا نريد أن يصبح النكران والجحود سمة لدينا كمجتمع، بل على الأقل نتمنى من الجميع الطرح بحيادية وبما هو مشاهد واقعاً, فالجميع لاحظ عدن قبل أشهر عدة كيف كانت معظم شوارعها مغلقة, خدماتها معطلة، ممنوع تعمل المدارس ولا تستطيع حتى إقامة الطابور الصباحي بفعل وجود البلاطجة, فوضى عارمة  كان وكان قصة طويلة عريضة، معاناة لا يدركها إلا من عاش في هذه المدينة.. لكن الحمد لله بفعل جهود الجميع تجاوزنا هذه العقبات، شوارع المدينة فتحت, إحياؤها كلها فتحت, تراجعت بشكل كبير مظاهر الفوضى ، ما تزال هناك مشاكل وعراقيل لا ننكرها، هذه المشاكل جزء من الإشكال العام في الوطن ، فكلما تحسن الوضع العام في البلد كلما تحسنت بقية المحافظات ، كلما استتبت الأمور في العاصمة السياسية كلما ألقت بظلالها على بقية المحافظات وفي مقدمة هذه المحافظات محافظة عدن.. وعليه يمكننا القول إن الجانب الأمني خلال الأيام القادمة سيشهد مزيداً من التطور الايجابي وسينعم المواطن بمزيد من الطمأنينة والاستقرار، وسيتم تعزيز مراكز الشرطة بالقوة الأمنية الكافية ، ومن أبناء هذه المحافظة ، وسيلزم كل المنقطعين بممارسة مهامهم ، ونتمنى أن تتظافر جهود الجميع في هذا المجال.

× ثمة استفسارات عديدة حول اكتشاف خلايا تجسس حوثية - إيرانية في عدن.. علام يدل هذا, وكيف تعاملتم معها ؟

ـ اعتقد أنه لا يخفى على أحد حجم صراع مد النفوذ  على اليمن بشكل عام ،واستغلال ظروفه القاسية واستخدامها في استقطاب المزيد من الموالين لتلك القوى الإقليمية المتصارعة ،وبالتالي فإن عدن بحكم مكانتها المميزة تعد الأكثر استهدافاً من بين مدن الوطن ، فعلاً الأجهزة الأمنية استطاعت في الفترة الأخيرة القبض على عدد من الخلايا ذات أنشطة وتوجهات مختلفة ، وما تزال التحقيقات جارية في هذا الموضوع وحال استكمالها سنعلن عنها للجميع بكل شفافية.

× يتهمكم أعضاء الحراك بأنكم تقفون ضدهم  وتضيقون على أنشطتهم وتستهدفون رموزهم.. ماردكم؟

ـ هذا الكلام مجافٍ للحقيقة ، نحن رفعنا شعار للجميع هنا في عدن أن الاحتجاج والتعبير السلمي أياً كان مكفول قانوناً ويحميه الأمن وأتحدى من يورد حادثة واحدة فقط سلمية خالصة قد جرى قمعها في عدن منذ الانتخابات الرئاسية التوافقية، أما الاحتجاجات المسلحة والعبث بأمن الناس وطرقاتهم ومصالحهم العامة فإنها مرفوضة من الجميع والأجهزة الأمنية هي المخولة بمواجهتها ومنع تحولها إلى عصابات مسلحة تعبث بأمن المواطن وسيادة البلد ويستغلها البعض تحت مسميات عدة لتنفيذ أجنداته الخاصة، وأعتقد أن هناك العديد من قيادات الحراك السلمي العقلاء قد خطوا خطوات إيجابية على طريق التفهم لحساسية الأوضاع القائمة بشكل عام ، ولا أظن ان هناك أشياء مستحيلة طالما والنوايا صادقة وتبحث عن حلول.

× كيف تنظرون للحوار الوطني القادم ، ومشاركة ممثلين عن الحراك فيه من عدمه؟

ـ بصراحة أنا متفاءل جداً بنجاح الحوار وتغليب المصلحة الوطنية فيه على ما سواها ، وهو فرصة لكل القوى لتضع ما تريد وبأي سقف كان ، وأظن أن القضية الجنوبية هي أهم ما يمكن أن يراعيه الحوار وبكل أبعادها المختلفة ومقترحات حلها المتعددة ، إضافة للدستور وشكل الحكم ، ومشاركة ممثلين من الحراك بكل فصائله في الحوار يعد فرصة لا تعوض, لما يمثله الحوار من دعم وتعاطٍ جاد مع القضية الجنوبية ،بينما رفض المشاركة يعني وضع القضية في مفترق طرق ومن الممكن أن تتصدر كيانات أخرى مشهد القضية وانجاز حلول لها ترضي أبناء المحافظات الجنوبية، حينها ستتغير الموازين وتنتج واقعاً مغايراً.     

× مؤخراً شكلتم لجنة للتحقيق في توزيع أسلحة وأعمال الفوضى في العام المنصرم.. إلى أين توصلت؟

ـ تلك اللجنة تواصل عملها الميداني والمكتبي ، وتقوم بجمع العديد من الأدلة والوثائق وبما يخدم مهمة عملها ، أعتقد أن الجميع يهمهم استقرار المحافظة ويتعاونون على إرساء دعائم الاستقرار ، والهدف الأساس لعمل تلك اللجنة هو وضع حد للتجاوزات وبما يضمن عدم تكرارها مستقبلاً ، وليصبح لدينا شعار أنه مهما كانت حدة التباينات يجب أن تظل عدن والوطن بشكل عام بعيداً عن نتائجها أو إقحامها في تلك التباينات.

× الجهاز المركزي أورد عدداً من قضايا الفساد سواءً لمسئولين محليين في المحافظة أو المديريات وبعض المرافق الحيوية, مما أثار لغطاً كبيراً في أوساط العامة.. كيف سيجري التعامل مع تلك القضايا؟

ـ طالما وهناك جهات رسميه تدعو للمحاسبة ، وقانون يحاسب المخطئ فأظن أننا جميعاً لسنا فوق القانون ولا أحد يمكنه أن يتهرب من مبدأ المحاسبة ، وأنا شخصياً مستعد في أي وقت للتجاوب مع كل الجهات القانونية والرقابية اليوم أو غداً, عملنا يعتمد على الشفافية ، وعلى جميع مسؤولي المحافظة والمديريات العمل وفق هذا المبدأ إذا أردنا أن نؤسس لعمل نزيه ، وإلا فإن ما نطمح إليه سيغدو مستحيلاً إذا كان كل فرد يوجد مبررات لفساد الآخر.

كلمة أخيرة تود قولها؟

ـ أود التأكيد هنا على أن كل الحوادث العرضية مهما كانت لن تعيقنا عن أداء مهامنا في السعي الحثيث لتحسين الخدمات واستتباب الأمن ، وأدعو جميع مواطنينا الأعزاء إلى رص الصفوف وتشمير سواعد الجد للعمل معاً حتى ننجز ما نطمح إليه لهذه المحافظة وأبنائها.