ما وراء الصمت المصري السعودي عن الانقلاب الحوثي في اليمن ؟

أسقطوا ورقة التوت الأخيرة عن عورته، ووضعوا الشعب أمام خيار مقاومتهم“.. هكذا لخص الدكتور “محمد جميح”، الكاتب والمحلل السياسي اليمني، “شرعنة” انقلاب الحوثيين الذي بدأ في أغسطس العام الماضي.
وهو أيضًا ما ذهبت إليه تحليلات أغلب قوى وأحزاب ألوان الطيف السياسي في اليمن، بعدما جعل “الإعلان الدستوري” الذي أعلنته الجماعة في مواجهة مع الجميع، وسط توقعات أن تشهد اليمن إرهاصات حرب أهلية واسعة النطاق قد يتدخل في إدارتها وكلاء للقوى السياسية في الداخل من الخارج، وأبرزهم إيران ودول الخليج والغرب.
فـ “الإعلان الانقلابي”، الذي لا يتضمن أي علاقة بالدستور، جعل للحوثيين الولايتين الدينية والسياسية،: “الولاية الدينية” للولي الفقيه عبد الملك الحوثي، و”الولاية السياسية” لرئيس الانقلاب محمد الحوثي؛ وزاد من توريطهم في مستنقع جعل غالبية اليمنيين، المتصارعين سابقًا، يتوحدون ضد الحوثيين، وينظرون لما جرى على أنه انقلاب “إيراني” على الربيع اليمني.
وأن هدفه ربما ابتزاز السعودية وأمريكا، وربما بسط “الهلال الشيعي” الذي أصبح “بدرًا”، بحسب ما توقعه ولي العهد الحالي الأمير مقرن ورئيس وكالة الاستخبارات السعودية السابق في “برقية دبلوماسية” موجهة لمستشار الأمن الأمريكي السابق “جون برينان”، نشرها موقع التسريبات ويكيليكس.
والتحرك الشعبي الذي بدأ ضدهم، هو مؤشر على بدء حرب شاملة تستخدم نفس سلاح الحوثيين، فالقبائل في “مأرب” وإقليم “سبأ” رفضت الاعتراف بمجلس الحوثيين الذي يضم 551 يمنيًا، وهناك أنباء عن حشد قبلي لتوقع قيام الحوثيين بالسعي نحو إنهاء أي وجود عسكري يرتبط بـ “الإصلاح” في معظم محافظات الشمال اليمني، وإقليم “حضرموت” أعلن رفضه لهم، و”عدن” وبقية الجنوب الثائر كذلك، وقادت “تعز” مسيرات رفض الولي الفقيه في اليمن، والآلاف خرجوا في “مأرب” لإعلان رفضهم لهذا الانقلاب، وصنعاء خرجت لتقول لا للانقلاب، وكان رد الحوثيين بالرصاص الحي على الرافضين لهم، مؤشرًا لما ستشهده اليمن مستقبلًا.
لهذا يتوقع أن يشكل الإعلان الدستوري الذي أعلنت عنه جماعة الحوثيين، مساء الجمعة، والذي يعد الخطوة الأخيرة ضمن الخطوات الانقلابية للجماعة؛ لحظة فارقة في تاريخها السياسي، وعلاقتها مع القوى السياسية الأخرى، لما سيترتب عليه من تطورات ميدانية من المحتمل أن تجر البلاد إلى حرب أهلية شاملة، من المؤكد أن نتيجتها ليست في صالح جماعة الحوثيين وحليفها المخلوع علي عبد الله صالح الذي يبدو أنها انقلبت عليه أيضًا.
ومع أن الحوثيين لم يتوقعوا استقالة الرئيس هادي ووصول السيناريو الانقلابي إلى هذه المحطة الخطرة، ولهذا لجؤوا للبحث عن حلول مع باقي القوى السياسية للتغطية على آخر ورقة في انقلابهم؛ فمن الواضح أنهم رتبوا الأمور جيدًا.
بل ويذهب بعض الخبراء اليمنيين، مثل أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء “الدكتور عبد الباقي شمسان”، للقول: “إن خطوة الحوثيين كانت معدة وفقًا لاستراتيجية مسبقة بدأت منذ دخولهم صنعاء قبل أشهر“، مشيرًا إلى أن: “قدرة الحوثيين في السيطرة على مقاليد السلطة في اليمن بعد الخطوة الأخيرة مرتبطة بعلاقاتهم بنظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فضلًا عن التنسيق مع كل من المملكة العربية السعودية ومصر“.
وأشار شمسان بهذا الصدد إلى ما تسرب من أخبار بشأن إرسال جماعة الحوثي مبعوث إلى مصر لتقديم تطمينات حول وضع مضيق باب المندب، كما أن هناك تسريبات تحدثت عن إرسال مبعوث آخر للسعودية لطمأنتها على مسألة الحدود وقضايا أخرى.
وربما فسر هذا تغير في لغة الخطاب المصري من انقلاب الحوثيين، حيث تراجع رئيس قناة السويس عن تهديد الحوثيين، وقال الفريق مهاب مميش، السبت، إنه: “في حال تنفيذ الحوثيين لتهديدهم، وإغلاق باب المندب في دولة اليمن؛ فذلك لن يؤثر على قناة السويس ولن يستطيعوا غلقه”.
وتشكل هذه التصريحات تراجعًا عن تصريحات سابقة له، قبل يومين، أكد فيها أن: “مصر لن تقبل بإغلاق مضيق باب المندب في اليمن، بأي حال من الأحوال، وسوف تتدخل عسكريًا إذا تم ذلك“، و”أن هناك قوة عسكرية جاهزة للتدخل إذا حاولت الجماعات المتطرفة في اليمن إغلاق المضيق“، مؤكدًا :”أن إغلاق الممر المائي يؤثر بشكل مباشر على قناة السويس، وعلى الأمن الوطني لمصر“.
كما قال مصدر أمني مصري، الأربعاء 4 فبراير الجاري، إن الجيش المصري مستعد للتدخل جوًا وقصف مناطق المتطرفين أو الجهات التي تقوم بإغلاق المضيق وبالصواريخ بعيدة المدى، إن اقتضت الحاجة، لأن القاهرة ستدافع عن مصالحها مهما كلف الأمر.
وترددت أنباء عن تحذيرات إيرانية تلقتها جماعة الحوثي، وفق صحيفة “الشارع” اليمنية، بعدم السيطرة على مضيق باب المندب بالبحر الأحمر، تجنبًا للدخول في مشكلة مع مصر، وبعدم الاقتراب من الحدود السعودية في الوقت الراهن أيضًا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها