الشيخ العكمي: مأرب ستكون محرقة الحوثي

«هذه المرّة لن نقول الأمر إليكِ، كما قال أجدادنا: بل نحن أولو قوة وألو بأس شديد والأمر إلينا، ونحن أجمعنا أمرنا أننا سندحر الحوثي إن جاء غازيًا بقوتنا وبأسنا»، هكذا قال أحد رجال المطارح القبلية المرابطين على تخوم مارب تحسبًا لهجوم الحوثيين، وفي مارب يتحدث الناس هذه الأيام عن الحرب والتضحية فقط، لغة التحدّي هي المسيطرة والناس هنا لا يكفون عن الوعيد بأن مارب ستكون محرقة الحوثي إذا ما قرر اجتياحها.. هذا ما نقله «موقع» المصدر أون لاين» الإلكتروني عن الشيخ أمين العكمي، والذي كان موجودًا في مارب لحضور لقاء تشاوري لوجهاء الإقليم للرد على إعلان الحوثي الدستوري.. وعند سؤاله عن: «ماذا لو قرر الحوثي اجتياح مارب بالجيش والطيران، وخصوصًا أن الصبيحي قد ألمح إلى ذلك؟».
فأجاب: يا مرحبًا، يجي واحنا قدها، والله ما يدخلوا مارب، وأحنا مستعدين لهم، يجي بالطيران وإلا بما معه». وحين كنا نتمشى في شوارع مارب سألنا البعض ممن صادفناهم: هل تؤيد دخول الحوثي مارب؟ كانت ردود الفعل مُرعبة جدًا، وكنا نحاول إقناعهم بأننا لسنا حوثيين ولا نروج لدخول الحوثي مارب.
وأمام محلات «الخضر للصرافة»، وسط المدينة، استوقفنا نقاش ساخن بين مجموعة من المسلّحين وآخرين منهم، ووجدنا شابًا يقول لوالده: «والله يا باه لو أدري أنك حوثي لأديك رصاص»، تفاجأنا، فانفجر الأب ضاحكًا.
حينما سألناهم عن خلفية النقاش، قال لي الأب إنه والشخص، الذي بجانبه قررا أن يستفزا الابن، خصوصًا أن النقاش وصل إلى قوة من الصياح، حيث كان الابن مرابطًا مع رفاقه تحسبًا لهجوم الحوثي إلى المحافظة.
نقاط الحوثيين في»سبيل الله»!!
أول ما سيلفت نظرك وأنت في الطريق إلى مارب هو كثرة الحواجز الأمنية على امتداد الطريق من جولة «آية» في صنعاء إلى وسط مدينة مارب، لمسلحين لا تستطيع أن تعرف ما إذا كانوا من الجيش أم مسلحين حوثيين، وتحتاج لقدر من الجرأة لتتمكن من سؤال بعض المسلحين في بعض النقاط عن سرّ وجودهم في المكان ذاته.
دفعنا الفضول لسؤال أحد مسلحي الحوثي عن أهمية المكان الاستراتيجية للنقطة، التي ينتصب فيها مع بندقيته التي بات لونها أبيض، وتبدو وكأنها قطعة منه، خصوصًا أن النقطة التي هو فيها لا تبتعد كثيرًا عن نقطة آخر للحوثيين أنفسهم، وليس هناك طُرق فرعية يمكن لهذه النقطة أن تستوعبها.. فأجابنا بعد أن فقد أي دليل مقنع حتى له نفسه هو: «يا أخي احنا هنا نتعبّد الله، قالوا لنا نجلس هنا، جلسنا، ومستعدين ندّي رؤوسنا في سبيل الله».
المنطقة الفاصلة..
عندما تعدينا مفرق الجوف باتجاه مارب وجدنا ثلاث نقاط عسكرية تابعة للجيش والشرطة العسكرية، وهذه النقاط هي ما يفصل الطرفين المتأهبين للحرب، وما بين هذه النقاط منطقة تتجاذبها فرق الاستطلاع للطرفين، ومعرفة تحركات الطرف الآخر، ستجد بعدها «مطارح» رجال القبائل يحيطون بمارب، كما تحيط السوار بالمعصم.. وإن تعجب فمن معنوياتهم، التي تشعر معها بضراوة المعركة «إن حدثت» هنا.. عتاد القبائل في معنوياتهم ونفسياتهم المرتفعة تفوق عُدتهم من الذخائر والسلاح، الذي يقولون إنها تكفيهم لاستعادة اليمن «كل رصاصة تقطع مسافة» بحسب أحدهم.
فى النقطة الأخيرة للجيش من جهة مارب، وجدنا جنديًا وحيدًا في النّقطة، وحين سألناه عن زملائه امتعض؛ ممّا حدا بنا تركه.. دعونا له بالسداد، وواصلنا سيرنا.
وحين عُدنا في المساء وجدنا ذلك الجندي على تلك الحال، ألقينا عليه التحية ففهم مقصدنا وضحك «ما نفعل يا أخي، ندي واجبنا نعيل أسرنا»؛ حالة هذا الجندي تختصر حال الجيش وما وصل إليه.
اجتماع بدون «تخزين»
كان الوقت عصرًا، اتجهنا إلى الصالة الرياضية، حيث من المقرر أن يعقد هناك لقاءٌ تشاوري لوجهاء الإقليم لبحث صيغة ردهم على إعلان الحوثي الدستوري.
دخلنا البوابة الخارجية، ووجدنا عشرات السيارات من نوع «شاص»، دخلت والمشايخ يجلسون على شكل حلقات مستديرة يتشاورون قبل بدء اللقاء بشكل رسمي وإلقاء الكلمات.. ما لفت انتباهي هو أن المشايخ معظمهم لا يتعاطون القات، بخلاف ما تعودت رؤيته هنا في صنعاء وحولها، إذا إنك تعرف الشيخ من خلال كمية القات الذي أمامه ونوعيته.
هنا في مارب يعتبرون القات منقصة بحق الرجل.. الحاضرون في الصالة مشايخ من الجوف والبيضاء ومارب، وعندما تم قراءة البيان، وجدنا أن الحاضرين يتحدثون لغة واحدة، إذْ أجمعوا على أنه ليس إعلانًا دستوريًا بل «بيان حوثي».
الشيخ حسن شطيف عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام في الجوف قال لـ»المصدر أونلاين»: «مش من يشتي يحقق مطلبه يعمل له إعلان دستوري».
وعن سؤالنا له حول موقفه من توجّه حزبه «المؤتمر» من الحوثي؟ قال إنه يلوم قيادة الحزب على المواقف السابقة، التي وصفها بـ»المتخاذلة ولا تخدم الوطن»، لكنه استدرك بأنه استعاد الأمل مع إعلان الحزب موقفًا غير مؤيّد لـ»بيان الحوثي».
حكم ذاتي وقطع النّفط عن صنعاء
هل تسعون إلى حكم ذاتي للإقليم؟ هكذا سألنا الشيخ أمين العكمي؛ كونه يرأس اللجنة التنسيقية للتواصل في الإقليم، فأجاب: إذا استمر الحوثي في ما هو عليه فلن نعترف به وسنحكم إقليمنا بأنفسنا وسننسق مع بقية الأقاليم لعزل الحوثي في إقليم آزال، وادعوا إخواننا في إقليم آزال إلى رفض الحوثي وعدم تركه يفعل ما يريد.
هل ستوقفون تدفق النفط والغاز إلى صنعاء؟
حاليًا لا يوجد لدينا أي نوايا لفعل هذا، ولن نحرم أبناء الوطن بسبب الحوثي، فهم إخواننا، لكن إذا ما قرر الحوثي الحرب علينا، فبالتأكيد سوف نفعل كل ما بوسعنا لإسقاطه؛ لأن موارد الدولة هنا كبيرة في إقليم سبأ، ولن نتركه يستغل إيراداتها ليحاربنا بها.. في اللقاء ذاته دعا العكمي وجهاء الإقليم إلى مؤتمر عام لأبناء الإقليم لتحديد المصير وتشكيل هيئة عُليا لإدارة شؤون الإقليم.
لماذا توقفت الاعتداءات على الكهرباء في مارب؟
لطالما ارتبط انطفاء الكهرباء في بقية المحافظات باعتداءات تطالها في مارب، إلا أننا لم نعد نسمع خبرًا عن اعتداء في مارب يخرج محطتها الغازية عن الخدمة.. يقول أبناء مارب إنهم ظُلموا كثيرًا، وتعرّضوا للتشويه من قبل من سموهم «الفاسدين» في صنعاء.. سألنا صاحب محل تجاري صغير (بقالة): كم ساعات تنقطع الكهرباء عنكم هنا؟ أجاب «تطفى ساعات وتولع ساعات، ومؤخرًا زاد عدد ساعات الانطفاء»، قالها بلهجته البدوية.. وأضاف كما لو أنه وجدَ سرًا «بين أقلكم يا أصحاب صنعاء ما هوش السبب مارب، وإلا كيف تطفى الأيام هذه».
الأفارقة.. معاكم ماء
بعد أن تجاوزنا مفرق الجوف نحو مارب شاهدنا في الطريق عددًا من الأفارقة، توقفنا وسألناهم عن وجهتهم؟ فردوا جميعًا: معكم ماء؟ كانت الساعة الحادية عشرة صباحًا، وهم يقطعون المسافات مشيًا على الأقدام والظمأ يهدُّ من عزمهم.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها