تحرير باب المندب ضربة موجعة لميليشيا الحوثي في اليمن(تحليل)

اعتبر مراقبون للشأن اليمني، أن تحرير منطقة مضيق باب المندب الاستراتيجية غرب اليمن من قبضة مليشيات الحوثي – صالح يمثل ضربة عسكرية وسياسية موجعة للمليشيات الانقلابية، بالتوازي مع انتصارات كبيرة أحرزتها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مسنودة بغطاء جوي لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في محافظتي مأرب وتعز خلال اليومين الماضيين.
وقال الصحافي اليمني سمير حسن، في تصريح لـ"الإسلام اليوم"، إن "استعادة قوات الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية السيطرة على مضيق باب المندب وتأمينه يمثل على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري مكسباً كبيراً للشرعية اليمنية ودول التحالف، ويعد ضربة قاصمة ومؤلمة للانقلابين ومن خلفهم إيران".
مضيفاً بأن "سقوط هذا الموقع يعني، في المحصلة بداية النهاية لسيطرة جماعة الحوثي ولمشروعهم الانقلابي في البلاد، فضلاً عن كونه يقضي نهائياً على حلم إيران الطامح لبسط نفوذها بالسيطرة على هذه المنطقة المطلة على أهم مضيق مائي عالمي يربط خليج عدن وبحر العرب والبحر الأحمر".
وأكد الصحافي سمير حسن بأن "خسارة هذا المضيق هو خسارة لأقوى ورقة سياسية كان يمكن للحوثيين بها ابتزاز دول التحالف أو المساومة بها في أي تسوية قادمة لإنهاء الازمة في البلاد، خصوصاً وأن هذا المضيق يعد بالنسبة لدول الخليج العربي شريان حياة وممراً استراتيجياً لتصدير النفط الى العالم".
وعلى الجانب العسكري والجغرافي فإن "سقوط منطقة باب المندب يعني أيضاً للمقاومة والجيش الوطني استكمال تطويق مليشيات الحوثي في مدينة تعز والبداية لفتح طريق الزحف لتحرير ميناء الحديدة، الذي أصبحت سيطرة الحوثيين عليه لا تعني الشيء الكثير بعد خسارتهم منطقة باب المندب"، بحسب الصحافي سمير حسن.
ويعزز هذا الطرح، مواقف الانقلابين الحوثيين (ذراع إيران في اليمن)، الذين كشفوا عن فقدان أعصابهم منذ إعلان تحرير منطقة باب المندب، حيث هاجم القيادي الحوثي صالح الصماد في أول تعليق له على تحرير باب المندب، شخصيات وقوى سياسية داخل اليمن، لم يسمها، وأطلق عليها ألفاطاً نابية، بذريعة أنها تتواطأ مع قوات التحالف العربي، مضيفاً بأن جماعته مع الموالين لصالح طرقوا كل الأبواب وقدموا الكثير من التنازلات لإيقاف الحرب؛ لكنهم أخفقوا في ذلك، حد تعبيره.
وعلق الصماد على هزيمتهم في باب المندب, قائلاً: "عملنا على تحييد هذه المنطقة من الصراع خلال الأشهر الماضية لحساسية الموقع"، حسب زعمه.
وكانت قوات المقاومة الشعبية والجيش الوطني مسنودة بغطاء جوي من قوات التحالف العربي بسطت سيطرتها الخميس الفائت على جزيرة ميون المطلة على مضيق باب المندب الاستراتيجي، على إثر عملية إنزال جوية واشتباكات أسفرت عن قتل العشرات من مليشيات الحوثي-صالح وأسر آخرين، فيما عززت قوات التحالف العربي سيطرتها من خلال نشر آليات ومعدات عسكرية حديثة، ودحر المليشيات من معسكر اللواء ١٧ مشاة، وتتأهب حالياً لاستعادة السيطرة على ميناء ومدينة المخا غرب محافظة تعز.
وفور سيطرتها، قامت قوات التحالف بتسليم مضيق باب المندب لنائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة خالد بحاح، الذي قام بدوره بزيارة تفقدية للمنطقة البحرية المحررة، موجهاً رسالة إلى المتمردين بأن "الوقت لم يعد في مصلحتهم وأن عليهم أن يراعوا التحولات الميدانية".
ويستدل الكاتب اليمني والإعلامي عبدالعزيز الهداشي، في تصريح لموقع "الإسلام اليوم"، على التطورات الأخيرة في اليمن بأن تحالف الحوثي – صالح بات عديم القدرة على الهجوم، "ولكن ما زالت لديهم القدرة على المناورة"، مضيفاً بأن "القدرة على الدفاع ما زالت متوفرة لديهم وبقوة"، وأشار إلى أن "سقوط باب المندب وهو أهم موقع استراتيجي بسرعة خاطفة يدل على ان تحالف الحوثي - صالح رموا كل ثقلهم العسكري في مأرب والبيضاء وتعز".
ويستطرد الهداشي، قائلاً: "المهم تاريخيا أن منطقة تهامة التي تضم منطقة باب المندب وسواحل البحر الأحمر تعتبر بمثابة البطن الرخو لليمن، أي أنها المكان المناسب لأي غزو".
ويذهب الهداشي إلى رؤية مغايرة بشأن الهدف المعلن من تحرير منطقة باب المندب، معتبراً بأن "عملية باب المندب لم يكن الغرض منها تأمين أو مساعدة تعز أو تحرير المخا في الوقت الراهن، بقدر ما يهدف إلى تأمين الممر المائي، الذي كان بمثابة سلاح استراتيجي للحوثي (ذراع إيران في اليمن)، في حال إغلاقه".
لكن هذه الرؤية ربما تصطدم مع واقع الوجود العسكري للقوات متعددة الجنسيات في البحر الأحمر وخليج عدن، وبالتالي يرى البعض أن الهدف الرئيسي من السيطرة على منطقة باب المندب هو قطع إمدادات السلاح الإيراني للحوثيين عبر هذا المنفذ، الذي كانت المليشيات تحصل على الدعم الايراني عبره، كونه ممراً ضيقاً تقترب منه السفن بشدة إلى السواحل اليمنية، وهو الأمر الذي كشفت عنه بوضوح العملية العسكرية التي أعلنت عنها قوات التحالف أخيراً بضبط زورق أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين.
وتكمن أهمية مضيق باب المندب في أنه أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها نشاطاً للسفن، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز.
وقد ازدادت أهميته مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي، إذ يقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنويا بمعدل 57 قطعة يومياً.
ويحظى اليمن بأفضلية استراتيجية في السيطرة على المضيق لامتلاكه جزراً مطلة، وهو الأمر الذي حدا بالقوى الكبرى وحليفاتها لإقامة قواعد عسكرية قربه وحوله، إذ تملك الولايات المتحدة قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وتملك فرنسا أيضاً حضوراً عسكريا قديما في جيبوتي.
كما سعت الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية ودخلت اتفاقيتها المعروفة باتفاقية جامايكا حيز التنفيذ في شهر نوفمبر من عام 1994.
ويشير خبراء عسكريون إلى محاولات إسرائيلية للحصول على نفوذ في مضيق باب المندب بالتنسيق مع جيبوتي وأثيوبية، في حين كان اليمن قد أغلق المضيق على إسرائيل في حرب 1973، ولكن اليمن خسر بعض نفوذه بسبب التدخل الأمريكي.
الاسلام اليوم
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها