جنيف2.. هل يكون خارطة طريق اليمنيين نحو سلام دائم

اكتملت أركان مفاوضات جنيف 2، بين الأطراف اليمنية المقرر انعقاده، الثلاثاء القادم، وذلك بموافقة المتمردين الحوثيين على المشاركة فيه، وتسليم الأمم المتحدة أسماء فريقهم التفاوضي، بعد تعنت دام أسابيع.
وتهدف المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة في سويسرا، منتصف ديسمبر الجاري، إلى إيحاد حل للأزمة اليمنية ، وإيقاف العنف المتصاعد منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وأسفرت الحرب التي اندلعت أواخر مارس الماضي، عن مقتل نحو 6 الآف مدني وإصابة عشرات الآلاف، إضافة الى نزوح 2.4 مليون يمني داخليًا بسبب المعارك، وفقا لإحصائيات أممية.
وبإعلان المتمردين، أمس الخميس، تسليم الأمم المتحدة أسماء وفدهم التفاوضي، ارتسمت ملامح المشاورات المرتقبة التي يأمل اليمنيون أن تكون بمثابة "خارطة طريق" نحو سلام دائم.
وقالت مصادر حكومية، أن المؤشرات تبدو إيجابية، خصوصًا وأن كلا الطرفين- الحكومة الشرعية من جهة والحوثيين وحزب الرئيس المخلوع صالح من جهة- قد قدموا تنازلات من أجل الوصول لحوار جاد.
وبحسب ما جاء في بيان للناطق باسم ميليشيات الحوثيين الرسمي، فقد تم التخلي عن ما يسمى بـ" نقاط مسقط السبع" التي أصروا سابقا، أن تكون مرجعية للحوار، كما خلى البيان في المقابل من أي إشارة للقرار الأممي 2216 الذي تشترط الحكومة الشرعية حوارًا يستند إلى بنوده .
ويشار إلى أن تحالف المتمردين مع حزب المخلوع قد لجأ عدة مرات سابقة إلى المراوغة السياسية بإعلانه عن الموافقة على القرار الأممي 2216، ليظهر في مابعد أن الإعلان لم يكن يهدف إلا لكسب الوقت حتى يتمكن المتمردون من تنظيم صفوفهم بعد هزائم ميدانية متكررة.
فيما ت}كد الحكومة اليمنية جديتها في الرغبة بالحوار والتوصل لحل سياسية للأزمة، منوهة إلى أنها ستقوم بكل ما يلزم لإعادة الحياة السياسية في اليمن إلى وضعها الطبيعي.
وتبدو الحكومة اليمنية متمسكة بفرص الحل السياسي وإنجاح المفاوضات، وفي آخر لقاءاته مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال رئيس الوزراء، خالد بحاح، أن الحكومة تمضي في مسار السلام بصورة جادة ونوايا صادقة، وفي المقابل فإن العمل على الأرض جارٍ في حال أي نوايا غير حسنة من الانقلابيين.
ولا تقتصر الرغبة في وضع نهاية للحرب باليمن لدى أطرافها الداخلية، فدول الخليج التي شكلت تحالفاً عربياً لمساندة شرعية الرئيس هادي وقتال قوات المتمردين من خلال عاصفة الحزم في 26 مارس الماضي، بدت هي الآخرى باحثه عن حل سياسي للأزمة يصب في مصلحة اليمنيين.
وأمس، دعت دول مجلس التعاون الخليجي، إلى"مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن"، لكن "إعلان الرياض" الصادر عن القمة الخليجية، جعل مسألة الإعمار وتأهيل الاقتصاد اليمني، مرهونة بوصول الأطراف اليمنية إلى"الحل السياسي المنشود".
وخلافاً للمفاوضات السابقة، التي تعنت الطرفان في شروطها، وافق الجميع هذه المرة على الدخول في "هدنة إنسانية" تتزامن مع انطلاق المفاوضات، الثلاثاء القادم، وقابلة للتجديد تلقائياً، إذا لم يتم خرقها.
ولم تعرف القواعد الأساسية التي ستُبنى عليها المفاوضات المرتقبة، وهل سيوافق المتمردون على عودة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي الموجود حاليًا في عدن، جنوبي البلاد، لممارسة مهام إدارة الدولة من العاصمة الرئيسية" صنعاء" ، لكنهم لم يعلنوا رفضه صراحة كما فعلوا سابقا.
وينص "ميثاق شرف" المشاورات، على مناقشة القضايا الرئيسية ، وعلى رأسها "إطار العمل العام لعودة اليمن إلى عملية الانتقال السياسي السلمي والمنظم، انطلاقاً من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار 2216.
ووفقا للميثاق، يجب أن يبني الإطار العام "خارطة طريق متفق عليها"، بالخطوات والمعالم وتسلسلها الزمني في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم ومستدام، و الانسحاب المتفاوض عليه للقوات العسكرية، والاتفاق على إجراءات أمنية مؤقتة.
كما يشدد ميثاق الشرف على التعامل مع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، واستعادة الحكومة سيطرتها على مؤسسات الدولة واستئناف عملها بصورة كاملة.
ووفقا لمصادر حكومية، ستركز المشاورات القادمة على"إجراءات بناء الثقة"، والخطوات الفورية التي تفضي إلى منافع إيجابية ملموسة للشعب اليمني، والتي يجب أن ترمي إلى تحسين وضع اليمنيين في المدى القصير، وبناء ثقة أطراف الصراع في مقدرتها على التوصل إلى اتفاق يكتب له النجاح، وبناء ثقة الشعب اليمني في الحل السلمي.
ومن ضمن إجراءات بناء الثقة ،التي سيناقشها الطرفان ويتشاركان في بحث حلول لها، الإجراءات الفورية لتحسين الوضع الإنساني، وإنعاش الاقتصاد وإطلاق المعتقلين، إضافة الى وقف إطلاق النار بشكل محلي، حيثما أمكن، كخطوة أولية، نحو إعلان وقف إطلاق النار على المستوى الوطني.
وتبدو الحكومة اليمنية جادة في هذا الجانب، والثلاثاء الماضي، قال نائب مدير مكتب الرئاسة اليمنية، ورئيس الفريق التفاوضي، عبدالله العليمي، أنه كلما أبدى الطرف الآخر( الحوثي والمخلوع صالح) إيجابية في إجراءات بناء الثقة و تقدموا بخطوة، ستُقدم الدولة على عشر خطوات في مقابلها.
وتلافيًا للاختلالات التنظيمية التي رافقت مفاوضات جنيف 1، في يونيو الماضي، حيث رُشق قيادي حوثي بحذاء من قبل إحدى الصحفيات اليمنيات، بدت الأمم المتحدة أكثر صرامة في الترتيب للنسخة الثانية من المشاورات، والتي تأمل أن يكون النجاح حليفها.
ووفقا لميثاق الشرف، ستنعقد المفاوضات في مقر توفره الحكومة السويسرية، وسيتم منع وسائل الإعلام من الدخول إلى المقر، باستثناء امكانية التقاط الصور عند انطلاق المحادثات، وفي أوقات أخرى يحددها المبعوث الخاص، إسماعيل ولد الشيخ.
كما يقتصر التواجد داخل مقر المحادثات على عشرين عضواً، كممثلين لكلا الوفدين، ومكتب المبعوث الخاص والخبراء الذين يدعوهم المبعوث الخاص.
ويتواجد وفد الحكومة التفاوضي حالياً، في العاصمة السعودية الرياض، فيما يتواجد وفد الحوثيين وحزب المخلوع صالح في العاصمة صنعاء، التي عادوا اليها اليومين الماضيين من العاصمة العمانية مسقط .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها