رمضان" تقاسم الوجع.. سلطة المعاناة تتوزع اليمنيين

وفقا للنشرة الموجزة" الاحتياجات الإنسانية لليمن في العام 2016"، الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية ( اوتشا)، في الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، فإن 21.2 مليون يمني من السكان بحاجة إلى نوع من المساعدات الإنسانية، لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وتفيد النشرة أن 14.4 مليون يعانوا من انعدام الأمن الغذائي، و 7.6 مليون يعانوا من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويعاني ما يقرب من 320 ألف طفل من سوء التغذية الحاد.
احتياجات اليمنيين كما وضح استطلاع لـ"مُسند للأنباء" توزعت بين البحث عن الأمان أو الغذاء، والمعاناة جراء ارتفاع درجات الحرارة، التي بلغت أكثر من أربعين درجة مئوية في" عدن" أو" الحديدة"، ناهيك عن كعاناة النزوح المستمرة، إضافة إلى أن البعض ما زال في متارسهم في جبهات القتال، أو أولئك المتواجدين خارج البلد ينتظرون العودة بعد أن عملت المليشيا على عدم عودتهم تى اللحظة، هكذا استقبل اليمنيون شهر رمضان لهذا العام.
المواطن اليمني كان يشتكي قبل الحرب، من ارتفاع الأسعار ومع حلول شهر رمضان، تفاقمت معاناته أكثر بعد الحرب التي أشعل فتيلها الحوثيون وحليفهم صالح، ارتفعت الأسعار نتيجة تراجع قيمة الريال اليمني، أمام النقد الأجنبي، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
صدمة توفير المتطلبات
تعز وسط البلاد, ما زالت تعيش القصف والمواجهات في أكثر من جبهة قتالية، استقبل قاطنوها رمضان، بأصوات القذائف والصواريخ التي تنهال على المدنيين بين الفينة والأخرى، يطلقها الحوثيون وأنصار صالح من أماكن تمركزهم.
أسفر القصف الإثنين عن مقتل امرأة، وإصابة 16 من المدنيين في المطار القديم وحي صينة وسط المدينة.
يذكر الكاتب الصحفي محمد محروس أحد أبناء تعز، لـ"مُسند للأنباء" أن المواطنين يرزحون تحت الحرب والغلاء، وأشار أن هناك بوناً شاسعاً بين حفاوة الاستقبال للشهر الفضيل، وصدمة توفير المتطلبات الضرورية بسبب الوضع الحالي.
وأوضح محروس أن تعز تعيش وضعا مختلفا عن بقية محافظات اليمن، فتردي الوضع أمنياً بسبب الحرب المفروضة من مليشيات الموت الحوثية، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب، فارتفاع الأسعار جنوني، بسبب صعوبة إدخال المواد نظرا للحصار المفروض منذ أشهر على المدينة".
انعدام الخدمات
العاصمة المؤقتة" عدن" هي الأخرى يعيش أبناؤها الوضع نفسه، جراء ارتفاع درجات الحرارة مع انعدام تام للخدمات الأساسية، منها الكهرباء، يروي لنا الصحافي أدهم فهد أن:" انقطاع الكهرباء شكل أكبر كارثة لدى المواطن في المدينة، فارتفاع درجات الحرارة في ظل ذلك الوضع، يعني صعوبة شديدة في صيام شهر رمضان".
وقارن" فهد" في حديثه لـ" مُسند للأنباء" بين رمضان العام الفائت في مدينته وهذا العام الذي تشهد فيه المدينة انفلاتا أمنيا مخيفا، فقال:" في العام الماضي كان الأمن مستتبا في المديريات الواقعة تحت سيطرة المقاومة الشعبية، ومثلها المديريات الواقعة تحت سيطرة المليشيا، لكن القصف العشوائي من قبل المليشيا بالهاون والكاتيوشا، كان يعكر صفو ذلك الهدوء".
كما ذكر أن:" العام الماضي كانت المحلات التجارية خالية، إلا من أنواع قليلة من الأصناف، بسبب الحصار الخانق الذي تعرضت له المدينة، وكانت نسبة ارتفاع الأسعار هي 70% كحد أقصى، فيما ارتفعت بعض الأصناف بنسبة 100%، وهو الوضع الذي اختلف بعض الشيء هذا العام، بعد توفر المواد الغذائية وانخفاض أسعارها".
ويختتم حديثه بالقول:" هذا العام وعلى الرغم من المعاناة والمنغصات الكثيرة، إلا أن الفرحة تعم قلوب الناس، خصوصا الأسر التي كانت نازحة، وباتت الأسواق تمتلئ بالعائلات، فيما العام الماضي كان الإقبال عليها طفيفا للغاية".
النازحون يُنهكون إب
من جهتها وصفت الكاتبة والروائية فكرية شحرة رمضان في إب هذا العام بـ" الرمضاء"، مع قلق المواطنين وترقبهم وضيقهم، فبرغم الجو الساحر للمدينة في الفصل من العام، إلا أن تداعيات الحرب كانت الجحيم بعينه. حد قولها.
فالازدحام كما ذكرت شحرة لـ" مُسند للأنباء" بلغ مداه مع توافد مئات النازحين من عدن والحديدة وتعز، فجعل ذلك المدينة تشتعل بهذا الزحام والكثافة السكانية؛ وزاد كذلك غلاء الأسعار، والتهافت على السلع يقابله تردي مخيف في مستوى المعيشة لأغلب الناس؛ فطوابير تسلم المرتبات وحتى الحوالات البريدية كان خير شاهد على المأساة، فتلك الطوابير ما تزال مستمرة حتى اليوم، فالناس لا يجدون سيولة في مكاتب البريد، ويعود الكثير منهم دون مرتباتهم، ويكونوا عاجزين عن توفير متطلبات الحياة في شهر رمضان، كون أغلب المدنيين لا مصدر دخل لهم سوى مرتباتهم.
وأشارت إلى أن:" عدد الفقراء والمعدمين ارتفع، ارتفاعا مهولا ينذر بكارثة ستجتاح المحافظة"، وهي لا تنسى أن تُذكر بمأساة المئات من الأسر، فمائدة رمضان لهذا العام- كما تقول" شحرة"- لا تحمل سو الحسرة لغائبين في المعتقلات، وشهداء أودعتهم المدينة الثرى".
العيش بوجبة أو وجبتين
أما الصحافي محمد السامعي فيوجز مأساة أبناء مدينة" صنعاء" التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين، بالقول:" استقبل اليمنيون شهر رمضان المبارك، هذا العام، بحزن وألم كبيرين، نتيجة لاستمرار الحرب الدائرة في البلاد منذ 14 شهراً؛ إضافة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لدى نسبة كبيرة من المواطنين في مختلف المحافظات بسبب الفقر والبطالة".
وأضاف:" رمضان هذا العام، جاء والعديد من اليمنيين يحلمون بتوفير الغذاء الأساسي، فضلاً عن اتساع رقعة الحرمان المعيشي لدى شريحة كبيرة المجتمع؛ حتى إن بعض الأسر أجبرها الوضع السيئ على العيش بوجبة أو وجبتين في اليوم".
وتابع السامعي:" الوضع المأساوي الحالي، بحاجة ماسة وعاجلة إلى لم الشمل من قبل ساسة اليمن، والعمل على إنجاح مفاوضات"الكويت"، من أجل الحل السريع للأزمة، التي أجبرت الكثير من اليمنيين على العيش مع المأساة والألم".
رمضان خارج البلد
الصحافي شعيب القديمي الذي أجبرته الحرب على ترك البلد، لأول مرة في حياته يقضي شهر رمضان خارج اليمن، وبعيدا عن أهله وأصدقائه وأحبته، وهي تجربة مؤلمة بالنسبة له، جعلته لا يشعر بأن رمضان هذا العام قد حل.
وقال أن:" يكون الإفطار بحبة تمر، وماء، والعشاء شفوت وأرز فقط في بلدك، ووسط أهلك هو بحجم الدنيا وما فيها".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها