ثورتا سبتمبر وأكتوبر:إرث وطني في مواجهة مشاريع التقسيم
عدن بوست - متابعات : الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 09:12 مساءً

بينما يحتفل اليمنيون بالذكرى الـ63 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، والـ62 لثورة الرابع عشر من أكتوبر، يعود الحديث مجددًا عن معنى الثورة ومغزاها، وعن المشروع الوطني الذي وحّد النضال في شمال الوطن وجنوبه، وجعل من الثورتين معًا نقطة تحوّل في مسار الحرية والوحدة والسيادة.
لقد مثّلت ثورتا سبتمبر وأكتوبر محطةً فارقة في تاريخ اليمن الحديث، إذ لم تكونا مجرد انتفاضتين ضد الظلم، بل ميلادًا جديدًا لوطن واحد أراده الأحرار مستقلًا موحدًا. كان هدف الثورتين إنهاء الاستبداد والإمامة والاستعمار معًا، وبناء دولةٍ جمهوريةٍ حرةٍ عادلةٍ تستوعب جميع أبنائها دون تمييز أو إقصاء.
لكن بعد أكثر من ستة عقود، يجد اليمن نفسه أمام تحديات خطيرة تحاول تفريغ هاتين الثورتين من مضمونهما التحرري، عبر مشاريع سلالية أو مناطقية تسعى لإحياء عصور الكهنوت والوصاية والسلطنات القديمة.
ويرى مراقبون أن الحفاظ على ثورتي سبتمبر وأكتوبر لا يعني التمسك بالماضي أو الاكتفاء بالشعارات، بل هو تجديد للإيمان بالمشروع الوطني الجامع، من خلال التمسك بأهداف الثورتين الكبرى في التحرر والوحدة والمواطنة المتساوية، ومواجهة حقيقية للمشاريع التي تسعى لإعادة الوطن إلى ما قبل لحظة الثورة، عبر التفكيك والتبعية.
ويقول د.محمد قيزان، وكيل وزارة الإعلام، إنّ "ثورتَي سبتمبر وأكتوبر مثّلتا ذروة تطلعات اليمنيين للتحرر من الحكم الإمامي الكهنوتي والاستعمار البريطاني، وجسّدتا الحلم الوطني في بناء دولة حديثة قائمة على الحرية والعدالة والمواطنة.
وأوضح في تصريح لـ"الصحوة نت": أن ما يجري اليوم من ممارسات طائشة، ليس سوى محاولة مكشوفة لإفراغ الثورتين من محتواهما الجمهوري، عبر إعادة إنتاج أدوات الحكم السلالي بثوب جديد، وتحويل الدولة من كيانٍ يعبر عن إرادة الشعب إلى سلطة تتحكم فيها المليشيات والمصالح الضيقة".
ويضيف قيزان: "دعوات التجزئة والانقسام الحالية لا يمكن فصلها عن المشاريع الساعية لإضعاف اليمن وتفكيك دولته المركزية، مؤكدة أن "استعادة روح سبتمبر وأكتوبر لا تتحقق بالشعارات ولا بالاحتفالات الموسمية، بل من خلال العودة إلى جوهر المشروع الوطني الذي حملتْه الثورتان، والمتمثل في بناء دولة مؤسسات، وجيش وطني موحد، وقيادة تضع مصلحة الشعب فوق الحسابات الحزبية والمناطقية، إلى جانب تجريم أي سلاح خارج إطار الدولة، وإحياء التعليم والإعلام والثقافة باعتبارها أدوات لصناعة وعي وطني جامع".
ويختم قيزان حديثه بالتأكيد على أن "ثورتي سبتمبر وأكتوبر لا تزالان قادرتين على توحيد اليمنيين، لأنهما ليستا مجرد تاريخ أو ذكرى، بل هما الإطار الوطني الوحيد الذي يجتمع عليه اليمنيون بمختلف توجهاتهم ومناطقهم. قد يختلف الناس في السياسة، لكنهم يتفقون على أن لا كرامة ولا استقرار في ظل حكمٍ سلالي أو مشروعٍ تشطيري".
وعن كيفية مواجهة الدعوات التي تسعى لإعادة تقسيم اليمن وإحياء المشيخات والسلطنات القديمة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على مبادئ وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، يقول الدكتور عبدالخالق السمدة، رئيس الدائرة السياسية لإصلاح أمانة العاصمة: "من يؤمن بثورة 14 أكتوبر، فعليه أن يؤمن بأهدافها في تحقيق الوحدة الوطنية والانعتاق من الارتهان للخارج، وأن يدرك بأن هذه الثورة ما كانت لتقوم وتنجح لولا ثورة 26 سبتمبر، التي حملت على عاتقها مسؤولية تحرير الجنوب، بدءًا من استدعاء الرئيس قحطان الشعبي من منفاه في القاهرة، وتعيينه مستشارًا للرئيس السلال لشؤون الجنوب المحتل، ثم تأسيس مؤسسة سيادية معنية بتحرير المناطق الجنوبية (مصلحة الجنوب اليمني المحتل)، وتعيين قحطان رئيسًا لها، وصولًا إلى استقطاب النخب السياسية والفكرية والاجتماعية، وحشد المقاتلين".
ويضيف السمدة، في تصريح لـ"الصحوة نت"، "مطلع عام 1963 شهد أكبر تجمع لأبناء المحافظات الجنوبية في صنعاء، وكان بمثابة مؤتمر عام ترأسه قحطان الشعبي، تم خلاله إعلان قيام جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، التي تحولت لاحقًا إلى الجبهة القومية. كما فُتحت المعسكرات التدريبية لاستقبال المقاتلين من أبناء الجنوب، وهو ما يؤكد أن صنعاء قد هيّأت الجبهة السياسية والعسكرية لمواجهة الاستعمار البريطاني في الجنوب".
ويؤكد السمدة أن "واحدية الثورة كانت العامل الحاسم في إفشال محاولات الانقلاب على الثوار، سواء في صنعاء أو ردفان، وأحبطت ألاعيب الكهنوت الإمامي والمحتل البريطاني في طعن الثورة من الخلف. والأهم من ذلك أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر لم تعرفا الجهوية ولا المناطقية في قيادتهما، ففي الوقت الذي كان الشيخ راجح بن غالب لبوزة يقود المعارك ضد الملكيين في جبال شهارة، كان مهيوب علي غالب الشرعبي، المعروف باسم عبود الشرعبي، يهاجم المحتل البريطاني في عدن. كما كان عبد الفتاح إسماعيل، ومحمد سعيد عبدالله الشرجبي، وياسين سعيد نعمان، من أبناء الشمال، يتصدرون العمل السياسي في الجنوب دون تمييز أو إقصاء".
ويختم السمدة تصريحه بالقول: "لقد كان من أعظم منجزات ثورة 14 أكتوبر إسقاط الكيانات الصغيرة التي صنعها عهدا الإمامة والاحتلال، وتوحيد الجغرافيا الوطنية في إطار دولة مركزية جامعة. لذلك، فإن حماية الوحدة الوطنية والهوية اليمنية الجامعة اليوم تتطلب رفع مستوى الوعي بأهداف الثورة ومبادئها، واستحضار تضحيات الأبطال الذين ناضلوا من أجل الاستقلال والوحدة".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها